عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

تابعت الثلاثاء الماضي 18 يناير ندوة افتراضية عقدها المعهد العالمي للتجديد العربي، وهو منظمة أهلية عربية مستقلة، مقرها إسبانيا تحدث فيها البروفيسور ورجل الاقتصاد العربي الشهير د. طلال أبو غزالة رئيس ومؤسس مجموعة أبو غزالة العالمية، وكان موضوعها «الاقتصاد العربي فى نظام دولى جديد – الفرص والتحديات»، وقد تحدث بفهم كامل ووعى شديد بأحوال الاقتصاد العالمى وتحدياته ومستقبله، وكم أعجبنى اهتمامه باستشراف آفاق المستقبل للاقتصاد العالمى وكيف أنه مرتبط بمستقبل الصراع والحوار بين القوتين العالميتين الأبرز فى عالم اليوم والغد: الولايات المتحدة الأمريكية والصين وتابعيهما انجلترا بالنسبة للولايات المتحدة وروسيا بالنسبة للصين فهذه القوى الاقتصادية الكبرى هى التى تمسك ببوصلة المستقبل فى عالم اقتصادى جديد، يقوم فى مجمله الآن ومستقبلا على ثورة اقتصادية جديدة قوامها الاقتصاد الرقمى القائم على التقدم العلمى والمعرفي. وأوضح أن عالم اليوم يقوم على ثنائية خطيرة فإما الابتكار أو الاندثار بمعنى أن التنافس فى عالم اليوم أساسه الابتكار، فإن لم تكن مبتكرا ومبدعا سيدهسك المبدعون ولن يكون لك مكان أو مكانة بينهم، وما عليك حينئذ إلا أن تتلقى وتتبع ارشادات المبدعين !! وقد تحدث عن أن المستقبل سيفرض نظاما تعليميا جديدا يركز على الابتكار وليس على التلقى مما هو قائم كما هو حادث الآن؛ فلا مدارس ولا جامعات تقليدية ولا أساتذة ولا مؤلفات تنفع فى هذا النظام الجديد، فالمعارف التقليدية حاضرة بغزارة على الانترنت وناتج عقول الأساتذة والعلماء الحاليين والسابقين موجودة ومتاحة للجميع بنفس الطريقة، ولذلك فلا مجال الآن وفى المستقبل إلا لتعليم التفكير المبدع وممارسة الابتكار!!

وهنا ناشد د. طلال العرب أن يهتموا بالاقتصاد، وبالذات اقتصاد المعرفة، وقال إن السياسة تتوارى خلف الاقتصاد وأن كل ما يحدث فى العالم من تقدم وكل ما نراه من تنافس أساسه الاقتصاد وليس السياسة، ونعى على العرب اهتمامهم بالسياسة وكثرة التركيز على الحديث السياسي، مؤكدا أن هذا موجود لدينا فقط، أما فى العالم المتقدم فلا سياسة إلا من أجل الاقتصاد، ومن ثم علينا أن نركز على الدعوة  إلى التعاون الاقتصادى والتكامل الاقتصادى العربى ضاربا المثل بما حدث فى أوربا، حيث لم يظهر الاتحاد الأوربى إلا من خلال التجمع الاقتصادى، وأكد أن المؤسسة الفاعلة فى الاتحاد الأوربي لا تزال هى المؤسسة الاقتصادية.

وبالطبع، فإن رؤية مفكرنا الاقتصادى الكبير صحيحة وواقعية فى مجملها، لكنه تناسى أننا فى العالم العربي كدول وشعوب درجنا على عدم الاهتمام برؤى المفكرين والعلماء، ذلك أن الرؤى المعرفية والمستقبلية لهؤلاء شىء وما يحدث فى الواقع شىء آخر؛ فالخطط والقرارت الاقتصادية لا يملكها عندنا إلا الزعماء والساسة، ورؤى هؤلاء وأولئك هى ما يصنع الحاضر ويؤثر فى المستقبل. ومن ثم فإن أى تقدم فى أى مجال فى عالمنا العربي مرهون باقتناع الزعماء والحكام وليس بيد أحد غيرهم. ولا شك أن حكامنا يتطلعون إلى تحقيق المستقبل الأفضل لشعوبهم لكنهم للأسف لا يرون هذا المستقبل إلا بعيون أمريكا والغرب، على اعتبار أنهم يرون أنه لا قوة لهم إلا بالغرب ولا امكانية لتحقيق أى تقدم إلا استنادا إلى مايقدمه الغرب من مساعدة ومساندة، سواء على الصعيد العلمى أ السياسي أو العسكرى أو الاقتصادي.. الخ.

وعلى ذلك.. فإن الزعماء العرب لا يرون لنا حاضرا ولا مستقبلا إلا مرهونا بالعلاقات مع الغرب. وهذا أمر نتمنى أن يتغير؛ فالمستقبل ينبغى أن نحدده نحن لأنفسنا وبناء على امكانياتنا وعوامل قوتنا الذاتية. إن قرار اعتمادنا على قوتنا الذاتية فى جميع المجالات لم ولن يتحقق إلا بقناعة سياسية وإرادة سياسية تتوجه نحو الاقتناع بأنه لا حل لمشكلاتنا إلا بتحقيق الحد الأدنى من التوافق العربي الذى لم نعد نراه!! فأين العرب؟ أين الجامعة العربية ومؤسساتها؟ أين مؤتمرات القمة العربية؟ أين العرب مما يحدث فى ليبيا واليمن وسوريا ولبنان وغيرها من الدول العربية؟! أين الموقف العربي الموحد ضد تنامى أطماع وتنامى النفوذ الايرانى والتركى  فى المنطقة العربية؟! أين العرب من استمرار الاحتلال الاسرائيلي للأرض الفلسطينية وحصار الفلسطينيين ونهب ثرواتهم؟! لقد سمح التشرذم العربي للميليشيات والمرتزقة بتهديد أمن المنطقة وأمن دول الخليج ولم يعد أحد بعيدا عن ذلك التهديد.. إن الارادة السياسية العربية الفاعلة والمستقلة والعودة إلى التوجه القومى العربي هو الحل لكل مشكلاتنا، وبدون ذلك  سنظل نعانى من التخلف والصراعات وسيظل مستقبلنا مرهونا بما يراه غيرنا.. فهل نستيقظ كأمة عربية قبل فوات الأوان؟!

[email protected]