رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

 

العِصَامِيُّ: هو من سادَ بشرف نفسه، ويقابله العظامى، أى من يعتمد على عظام أجداده وساد بشرف آبائه، والعصامية نسبة إلى عصام بن شَهبَر، حاجب النعمان بن المنذر، الذى صار من أهم رجال القصر معتمدًا على جهده، وصار الناس يضربون به المثل فى الاجتهاد والاعتماد على النفس لبلوغ أعلى المناصب، وسمُّوا كل من فعل مثله عصاميًا، أما الحَرامِيُّ: فاسم منسوب إلى حَرام أى فاعل الحرام، ويكثر إطلاقُه على اللِّصّ، وهو من يسرق مال الآخرين، ويسطو ويحتال عليهم دون وجه حق مخالفًا الشرع والقانون.

العصامى من رجال الأعمال وغيرهم هو رجل شريف يملك حكاية تروى للأجيال، وقصة تدعو للشرف، وحياة مليئة بالصور تعلق فى الصدور قبل الأذهان، إنها رحلة كفاح يحتذى بها، وليست شهادات «مضروبة» معلقة على الحائط، لأخذ صورة سيلفى بجانبها ليكتمل ديكور الوجاهة.

ليس العصامى بالرجل التافه، الذى لا يدع فرصة للتباهى بسيارته الفارهة أو طائرته الخاصة، أو بإحدى زيجاته، إلا وسارع بنشرها على حسابات مواقع التواصل، ليتابعها ويراها من لا يملك من الحياه سوى ستر الحيطان.

إلى كل الذين تخطت ثرواتهم حاجز اللامعقول، وجمعوا الأموال فى وقت لا يتناسب طرديًا مع حجم الأعمال والأعمار دون إرث ورثوه، ويدّعون أنهم عصاميون قد بدأوا من الصفر، هل يمكن أن تشرحوا لنا قصتكم، وتحكوا لنا حكايتكم، وأى صفر تقصدون، ربما يجد من بقى حيًا من حادثة سقوط سيارة معدية القطا فى النيل، خريطة تهديهم للوصول إلى واحد فى الألف مما وصلتم إليه، وليس ليصبح مثلكم لا سمح الله!!.

مئات الآلاف من الشباب والشيوخ يعملون ليل نهار، راضين بما حققوه من مكانة علمية أو مهنية، لا يتجاوزون حاجز الطبقة المتوسطة بكل درجاتها، شاكرين الله على نعمة الستر، أما أنتم فالأفضل أن تتوقفوا عن تكرار لفظ العصامية، لأنكم مزيفون، وإذا أردتم أن تعرفوا جيدًا إلى أى فئة تنتمون، إليكم نماذج من رجال عصاميين بحق، نماذج مشرفة، ولهم قصة ملهمة ترويها الأجيال:

- الأسطورة محمد صلاح من قرية نجريج إلى العالمية كأفضل لاعبى كرة فى العالم.. رجل الأعمال محمود العربى شهبندر التجار، من أسرة فقيرة بقرية أبو رقبة لصاحب شركات تضم ٤٠ ألف موظف.. وغيرهم كثيرون من الشباب ورجال الأعمال الشرفاء التى تستحق حياتهم وقصص كفاحهم أن تروى بعزة وتباهٍ.

- الملياردير جاك ما.. مؤسس مجموعة «على بابا» العملاقة على الإنترنت، نشأ فى أسرة فقيرة، وبالكاد كان يستطيع والده تأمين حاجاتها، وكان يقوم بوظائف بسيطة إلى أن أسس على بابا.

- الملياردير تشونغ شانشان.. من بيع الماء إلى أغنى رجل فى آسيا، غادر المدرسة عندما كان فى الثانية عشرة من عمره، وقد عمل بنّاءً ونجارًا، قبل أن يتحول إلى صناعة المياه، ويمتلك شركتى «بكين وانتاى للصيدلة البيولوجية» المتخصصة فى صناعة اللقاحات.

- الملياردير سوشيرو هوندا رئيس شركة هوندا، عندما خجل عامل من السلام عليه بسبب اتساخ يده بالشحم جذب يد العامل بقوة، وقال عبارته الشهيرة «لماذا تسحب يدك؟ أنا أحب الشحم!»، إنه موقف سطر فى تاريخ اليابان، إنه خير مثال للرجل العصامى الذى استطاع أن يصل إلى القمة، ولد فى أسرة فقيرة تعيش فى قرية يابانية، وكان يعمل مساعداً فى ورشة والده لتصليح الدراجات الهوائية.

- الملياردير بيتر دون.. كان يقيم هو وإخوته فى نفس الحجرة حتى بلغ الخامسة عشرة من العمر، فى منزل متواضع أو ما يعرف بـالأحياء الفقيرة فى سالفورد.

هؤلاء يمتلكون حكايات وقصص كفاح تكتب وتقال وتسمع، لا يمتلكون حيلة الرنجة الحمراء التى كان يستخدمها اللصوص قديمًا للتضليل والتشتيت.

- يحكى أنه دخل رجل على الحجاج، يريد حاجة منه، فقال الحجاج له: أعصامى أنت أم عظامى؟!، فرد عليه الرجل: أنا عصامى وعظامى، فاستحسن الحجاج إجابته معتقداً أنه يفتخر، بنسبه لفضله، وبآبائه لشرفهم، فلبى طلبه وقربه له، ولكن بعد وقت عرف عنه الجهل والغباء، فقال له الحجاج: أصدقنى وإلا دققت عنقك، كيف أجبتنى بما أجبت، لما سألتك عما سألت!!، فقال الرجل: والله ما أعلم أيهما خير، العصامى أم العظامى، وخشيت أن أخطئ، فقلت: أقول كليهما، فإن ضرتنى الأولى نفعتنى الثانية، فقال الحجاج متعجبًا: المقادير تصير الغبى خطيبًا!.

ولقد حملت الأقدار الأيام الفائتة ٢٣ طفلًا عصاميًا شريفًا طاهرى اليد، لا تتجاوز أعمارهم الـ ١٥ عامًا، يعملون بمزرعة دواجن للسقوط من أعلى معدية القطا فى مياه النيل، ليتم انتشال ٩ جثامين واستخراج ١٤ على قيد الحياة، مثل هؤلاء يستحقون أن نطلق عليهم بكل شرف وفخر إنهم رجال عصاميون وإن كانوا فقراء لا يملكون إلا قوت يومهم، وقد تشرفت أيديهم بالتراب قبل أن نغطى أجسادهم به، وليس هؤلاء الذين يستخدمون كلمة عصامى ليل نهار للتباهى على خلق الله، وهم أبعد ما يكونون عن ذلك.

نختم بكلمات للشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم من قصيدة استغماية، نهديها إلى كل عصامى مزيف، يرددها لمن حوله، لعله يعرف حقيقة أين هو مما سبق:

غمى عيونك، سد ودانك، افتح بقك، قول أنا فين، الشاطر فيكو، يحزر فزر، فى دقيقتين، والأشطر منه، اللى يحزرها، فى غمضة عين، والأشطر خالص ما يحزرش، يقول أنا فين، والأشطر أشطر، اللى يبص يشوف بالعين، أنا فين؟

 

[email protected]