رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

نداء القلم :

المرأة الإنسان منوط بها كل ما يناط بالإنسان من تبعة الحرية والمسؤولية؛ لأن فكرة الإنسانية تقتضى هذه التبعات، وأولها تبعة الفهم للدور المسؤول والمشاركة فى جوانب الحياة المختلفة، وهو بلا شك دور تجيده المرأة تمامًا كما يجيده الرجل، ولا فرق.

الذين فرّقوا بين الرجل والمرأة على أساس الفوارق البيولوجية بعيدًا عن الإنسانيّة تفرقة تخرج عنها ولا تدخل فيها، هم من أهانوا فيها إنسانيتها ولم يقدّروها حق قدرها؛ إذ سلبوا عنها حريتها ونعتوها بنعوت الذلة والصّغار لمّا أن عزلوها عزلًا تامًّا عن الإنسان وجعلوها مكانًا للرجس والشهوة. ولذلك ظهرت نزعات التمرّد من المرأة أو عليها، حول ما يُعرف بالنسويّة سواء فى الأدب أو الفلسفة أو فى الفكرة المعاصرة، دفاعًا عن حقوقها ومطالبها فى الحياة وكأنها آتية من كوكب آخر، وليست بالكائن الحُر يشارك الرجل مشاركة فاعلة فى كل مرافق الحياة، وأيدتها أدبيات أذواق الكتّاب تباعًا كل حسب رؤيته وما قد ينطبع فى تلك الرؤى من بواعث وغايات.

الحريّة التى هى للمرأة هى حرية مسؤولة تمامًا كما هى للرجل. أمّا الفوارق البيولوجية فلا يعتد بها فى ظل الإنسانية التى تكفل حق البقاء الحُر للمرأة كما تكفله للرجل.

والمرأة الإنسان بحكم البداهة غير المرأة فى شرائح ثقافية من مجتمعاتنا العربية أو من مجتمعات غير عربية، يتراكم عليها تاريخ التسلط والقهر فى السنين الطوال.

المرأة الإنسان مكرّمة بغير خلاف فى محكم التنزيل (ولقد كرّمنا بنى آدم).. بنى آدم بإطلاق. أمّا المرأة فى الشرائح الثقافية، فلها منطق التعامل بالنظرة الدونيّة وفق تلك الثقافات.

قد يُقال إنّ المرأة على التخصيص لم تكن مكرّمة فى الإسلام ولا فى التشريع الذى يقوم عليه، وبخاصّة فى مسائل الميراث، ولقد نصّ القرآن أن للذكر مثل حظ الأنثيين، فرفع حظ الذكر مضاعفًا وأخفض حقها إلى النصف وما دونه لو تعدّدت أنصبة الوارثين.

لقد كان التشريع مطلقًا لإطلاق الآيات نفسها ولم يستثن الظرف ولا المكان ولا الحال ولا تبدل الأطوار ولا تغير الظروف. قد يقال هذا أو مثله ويُضافُ عليه أكثر منه؛ فبماذا تُسمى هذه النظرة؟ أليست نظرة دونيّة حين يقتسم الذكر حظ الأنثيين؟ ألم تكن، والعياذ بالله، قسمةً ضيزى؟

حاشا لله حاشاه أن يقول (ولقد كرّمنا بنى آدم) ثم يفهم الآدميون من التكريم كل التنقيص والازدراء؟

وإنك لو نظرت بإنصاف لوجدت حظ الأنثى هو عين التكريم؛ لأن المرأة معيلة وليست عائلة، وينبغى أن تكون على الدوام، لا لقصور فى طبيعتها أو فى خلقتها ولكن لحفظ بقاء النوع وحفظ وظيفتها الأنثوية من طغيان الأزمنة وتقلبات الحياة، فلا حياة لها الحياة السعيدة مطلقًا بغير أن تكون فى معيّة رجل يحميها، فضاعف له الحظ لتقويتها، فتكريمها فى هذا الاحتواء لا فيما تحصّل من كنوز الدنيا مجتمعة، ولو فقدت هذا الاحتواء لفقدت، مع نقصان النوع، أمان الحياة وأمان الطمأنينة النفسية بغير نزاع.

وقد يكون الرجل فى الظاهر العيان أضعف من المرأة، وتكون المرأة أقوى منه، فأين عدالة التوزيع؟ وهل لهذا الاحتواء مُقابل مادي؟

لا.. المقابل (نفسيًّا) أقوى وأكثر دعمًا من المقابل المادي؛ لأن قوة المرأة تطغيها وتسلب عنها أنوثتها وطبيعتها، وضعف الرجل يشقيه فلا جريرة له ولا عذر مع الضعف والاستكانة ومعه حق الحماية والكفالة والمسؤوليّة.

باعتقادي؛ أن هنالك نظرات فلسفيّة عالية فى قطاعات من الثقافة الإسلامية ترفع من قدر المرأة، وهو قدر مرفوع مع الإنسان، وتراها أساس الخَلْق ليختفى منطق النظرة الذكوريّة وتختفى معها تلك النظرة الدونيّة للمرأة، وأهمها مكانة المرأة فى نظرة «ابن عربي» فى «فصوص الحكم». تلك التى تجاوزت بالتكريم الأمين كل مراحل التجاوزات القهريّة التى أسفرت عن تسلّط ضد المرأة فى القديم أو فى الحديث.