رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

تحدثنا فى المقال السابق عن أسئلة المستقبل وأشكالياتها التى تطرح نفسها ويدور حولها النقاش بين فلاسفة الغرب المعاصرين، وتساءلنا فى نهايته: إذا كان ذلك كذلك لدى فلاسفة الغرب، فماذا عن أسئلة المستقبل التى تطرح نفسها على العقل العربى وينبغى أن يدور حولها النقاش بين فلاسفة العرب ونخبتهم المثقفة اليوم؟!

إنها - بعيدا عما يجرى فى الغرب من مناقشات عن مستقبل الانسان وعصر ما بعد الانسان- لا تزال أسئلة العقل الطبيعى، فهل نُعمله للإجابة عنها بعد طرحها؟!

ففى مجال العلم والتعليم، ينبغى أن نتساءل عن مستقبل نظمنا التعليمية فى ظل هذه التطورات المذهلة لنظم الذكاء الاصطناعى؟! وهل ستظل نسبة الأمية القرائية على حالها؟! وهل ستظل نسبة الأمية الثقافية على حالها؟!

هل سنظل نتخبط بين صور مختلفة للتعليم: بين التعليم العام والتعليم الدينى، بين التعليم العام والتعليم الخاص، بين استيراد النظم التعليمية بأسماء بلدانها: أمريكى - إنجليزى – فرنسى – ألمانى – يابانى... إلخ. وبين محاولة استنباتها فى بلداننا دون أن يكون لدينا استراتيجية واضحة نضعها نحن لتكون خارطة المستقبل للتعليم المصرى والعربى؟!

وفى مجال الصراع الهوياتى والحضارى: إلى متى سنظل متشبثين بثنائية الأصالة والمعاصرة، التراث والتجديد؟ مع علم الكثيرين منا بأنها أشكالية زائفة حال كثرة الحديث فيها والتمترس حول أطرافها الثلاثة دون أن نتقدم بثبات وجرأة إلى مواجهة تحديات الحاضر واستشراف آفاق المستقبل منذ أكثر من مائتى عام؟!

وما مستقبل الصراع بين الهويات المتباينة داخل الثقافة العربية عمومًا وداخل الثقافة الإسلامية بوجه عام؟. وهل يمكن أن نرى فى المستقبل المنظور حوارًا عقلانيًا بين أطراف الصراع الشيعى – السُنّى؟! يتحدد على أساسه المشترك ونقاط الاختلاف لعلنا نكتشف أن ما يوحدنا أكثر مما يفرقنا؟.

هل يمكن أن نجد فى المستقبل المنظور حوارًا عقلانيًا حول مستقبل العمل العربى المشترك وبدلاً من الكيان الشكلى المسمى بالجامعة العربية نفكر مثلاً فى قيام اتحاد فيدرالى للدول العربية ليكون أداة فعالة تملك القدرة على إدارة العمل العربى المشترك اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وفى كل مجالات الحياة، وليبدأ بأى عدد من الدول العربية صاحبة الريادة والقدرة على جذب باقى الدول العربية نحو عصر نهضوى عربى جديد وخلق كيان قادر على مواجهة كل تحديات الحاضر والمستقبل؟.

 وقبل ذلك وبعده هل يمكن أن يتفق العرب على خط أحمر فى التعامل المشترك بينهم لا يتعدونه حتى تظل للعرب قوة حقيقية تواجه التحديات من حولهم؟

هل يمكن البناء على ما هو مشترك والتغاضى ولو جزئيًا عن صراعات مفتعلة يشعلها بيننا الأعداء من جانب والطائفية المتعصبة من جانب آخر؟.

ما مستقبل الديمقراطية والحريات فى عالمنا العربى، وماذا ينبغى أن تكون عليه صورة العلاقة بين الحكام والمحكومين؟! وأيا كانت تلك الصورة للحكم، متى نرى أن الجميع يعمل معًا فى مجتمع مدنى راشد تحكمه سيادة القانون ويعمل لتحقيق التقدم والرفاة الفعلى للمجتمع ككل؟!

ما مستقبل العدالة وتوزيع الثروات فى دولنا العربية، ومتى تقل الفجوة بين الأغنياء الذين يزدادون ثراء وبين الفقراء المقهورين الذين يزدادون فقرًا؟! وهل يمكن أن نرى فى المستقبل المنظور تكاملا اقتصاديا عربيا بحدود مفتوحة بين الدول العربية، بدون تأشيرات وبدون تعقيدات؟!

ماذا نتصور مستقبل العلاقة بين دولنا العربية وإسرائيل مع استمرار احتلالها للأرض العربية فى فلسطين؟! وماهى السيناريوهات المستقبلية للصراع العربى الإسرائيلى وكيف نواجه تحديات كل واحد منها؟!

إنها أسئلة المستقبل حقيقة.. وبمقدار قدرتنا على الإجابة الموضوعية عليها والعمل على حل أشكالياتها بمقدار ما ستكون قدرتنا فلسفيًا (نظريًا وعمليًا) على مواجهة تحديات المستقبل وكشف غوامضه. وفى ضوء ذلك ستتحدد قدرتنا كعرب على المشاركة الفعالة فى بناء مستقبل الحضارة الإنسانية ككل وفى بناء نهضتنا الحضارية المنشودة على وجه الخصوص.

أعرف أن أسئلة المستقبل بالنسبة لنا أسئلة شائكة ومعقدة ويواجهها تحديات جسام لأسباب كثيرة منها الداخلى ومنها الخارجى، لكن لا ينبغى أن نتوقف عن طرحها والالحاح عليها. إن هذه مسئوليتنا الفكرية. وعلى النخب العربية، وعلى القيادات العربية أن تمتلك القدرة والشجاعه على التفاعل مع هذه الأسئلة ومحاولة بحثها والاطلاع بمسئولياتهم تجاهها لأنها أسئلة الحاضر بكل تحدياته كما أنها أسئلة المستقبل العربى المهدد بمحو الهوية وربما بمحو وجودنا ذاته. إننى أستشعر الخطر. لكننى فى ذات الوقت متشبث بالأمل فهل ينتصر الأمل على الخطر؟!! أتمنى ذلك..

[email protected]