عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عصف ذهني

إذا كنت من الصابرين الأبرار وساقتك الأقدار لتذهب بمريض لديك إلى معهد سرطان الثدي بالتجمع، فعليك أن تضع أعصابك في ثلاجة، وتتحلى بكل آيات الصبر وطول البال، وترسم ابتسامة عريضة على وجهك رغم آلام مريضك وأوجاعه، حتى تنجح في تسجيل اسمه بالمعهد وتفوز بتذكرة العلاج.

ليس ذلك تهويلًا أو مبالغة، وإنما صورة طبق الأصل لدراما إنسانية عاشتها أسرة «فيومية» خلال شهر من العذاب، في محاولة لعلاج مريضتها.

البداية كانت صدمة مفاجئة، عندما اكتشف الزوج إصابة زوجته، _بنت الـ ٢٧ ربيعا والأم لطفلين _ بسرطان في الثدي من خلال تحليل عادي، أكد وجود هذا المرض اللعين وبدء انتشاره بالكبد، فانتقل بها على الفور إلى معهد الأورام القومي بقصر العيني الذي تعامل مع الحالة بمنتهى الاسترخاء، مطالبا الزوج بالعودة إلى القومسيون الطبي بالفيوم لإحضار خطاب يفيد انتفاعها بعلاج التأمين الصحي، رغم وجود البطاقة الصحية للمريضة.

عاد الزوج إلى الفيوم وأحضر الخطاب، فحولوه إلى المعهد القومي لأورام الثدي بالتجمع حيث يتم التشخيص وتحرير روشتة العلاج هناك، وفي سباق مع الزمن تحرك الزوج وشقيقه بالمريضة، من قصر العيني إلي التجمع وسط شلل مروري استمر ٣ ساعات تصاعدت خلالها آلام المريضة وأوجاعها ولا سبيل أمامها سوى المسكنات!

وفي التجمع اصطفوا في طوابير أمام ثلاثة شبابيك، أحدهم يسجل الحالة والثاني يراجع الأوراق والحسابات والثالث يصدر قرارا بالعلاج، وقبل أن يقوموا باستلامه، طالبوهم بالعودة إلى قصر العيني لختم القرار وصرفه من صيدلية الآلام من المعهد الرئيسي، متغافلين آلام المريضة وأوجاعها، وكأن معهد التجمع المقام علي أربعة أدوار ويضم ثلاث غرف عناية و ٨٠ سريرا لاستقبال المرضى خلا من وجود صيدلية لصرف العلاج لسرعة انقاذ المصابين.

أما المأساة الكبرى فكانت في أخذ العينة من المصاب «بالتجمع» وإرسالها «في ايس بوكس» مع موظف خاص لتحليلها بالمعهد الكبير في قصر العيني، وكأنهم تناسوا ايضا ان ينشئوا معملا للتحاليل داخل معهد التجمع الجديد!

صحيح أن التجهيزات الطبية والاستعدادات تفوق الخيال في المعهد الجديد وتتردد عليه أكثر من ٢٥٠ حالة بصفة يومية، ولكن يبدو أن المشكلة تكمن في علاج منتفعي التأمين ومحدودي الدخل المعالجين بالمجان، الذين يحصلون علي هذه الخدمة (بطلوع الروح) بسبب سرطان الروتين الذي ضرب اوصال معهد الاورام بالتجمع، الأمر الذي يفرض ضرورة ربطه بـ «الرقمنة» مع معهد قصر العيني والتأمين الصحي بالمحافظات.

قاتل الله سرطان الروتين، وتغمد الفقيدة برحمته بعد هذه الرحلة من المعاناة!