رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

لا شك أننا نقف فى عالمنا المعاصر بثقافاته المتعددة بين مدارس فكرية وعلمية وفلسفية متعددة، بعضها يعظم القديم لمجرد قدمه فحسب، سواء أكان داخلاً فى باب المقدس، أم غير داخل فيه، حتى فى الفكر والأدب والإبداع، فهو يؤثر كل قديم على كل حديث، على شاكلة ما رواه ابن قتيبة وغيره من أن أحد الشعراء أنشد الأصمعى أبياتاً، فقال له الأصمعى: إن هذا لهو الديباج الخسروانى، أى: الشعر الجيد الذى يمتدح ويشاد به، ثم استرسل الأصمعى: لمن تنشدنى، فأجاب الشاعر: بأنها من شعره أنشدها لليلته، وهنا غير الأصمعى رأيه على الفور، قائلاً: إن أثر التكلف عليها لبين واضح، وما ذاك إلا لعصبيته للقديم دون سواه بغض النظر عن الجودة أو عدمها.

وهو ما تصدى له كثير من علمائنا كتاباً ومفكرين وفلاسفة بالنقد والتفنيد، مؤكدين أن الله عز وجل لم يؤثر بالعمل ولا بالفقه ولا بالاجتهاد ولا بالشعر، ولا بالإبداع قوماً دون قوم أو زماناً دون زمان، أو مكاناً دون مكان، ولذا فإنهم لا يقدمون القديم لمجرد قدمه، ولا يبخسون الحديث أو المعاصر حقه لمجرد حداثته أو معاصرته، إنما الميزان عندهم منطقى موضوعى، وهو ألا ننظر إلى من قال وإنما إلى ما قال، فالحكم على العمل لا على صاحبه، وعلى النص لا على القائل، وعلى الإبداع لا على المبدع، ولكل جواد كبوة، ولكل عالم زلة، ولكل مبدع سقطة أو هفوة، والكمال لله وحده، والعصمة لأنبيائه ورسله.

وفى المقابل ثمة فريق آخر أسرف فى حداثته وإطلاق العنان للعقل البشرى حتى ذهب إلى رفع القداسة عن المقدس، وإنزال النصوص المقدسة منزلة النصوص البشرية القابلة للنقد والتفنيد.

ويذهب البعض- خاصة فى الجماعات المتطرفة- إلى إنزال شيوخهم وأمرائهم ومرشديهم منزلة القرآن الكريم أو أشد منزلة جهلاً وحمقاً، فأكثر شباب الجماعات المتطرفة يجعلون كلام مرشدهم فوق كل اعتبار، وهو المقدس الذى لا يرد ولا مجال لتفكير أو إعمال العقل فيه، على أن أحدهم قد يجادلك فى فهمك للنص القرآنى إن تناقض مع شىء من كلام شيخه أو مما دس له عبر كتبهم ومحاضراتهم وتفسيراتهم وتأويلاتهم، ولا يسمح لك بأن تناقضه أو تناقشه فى كلام شيخه المقدس لديه، فقضية تأليه البشر أو تقدسيهم، أو رفعهم إلى درجة المهديين المنتظرين أمر فى غاية الخطورة على التفكير المنطقى السليم.

على أننا نفرق- تفريقاً واضحاً لا لبس فيه- بين إنزال الناس منازلهم وإكرام العلماء وبين تقديس البشر أو محاولة تقديسهم أو إضفاء هالة من التقديس عليهم، تصور نقد كلامهم على أنه نقد للإسلام وطعن فى فهم صحيح الكتاب والسنة، مع أن كل البشر بعد المعصوم «صلى الله عليه وسلم» يؤخذ منهم ويرد عليهم فى ضوء أدب الحوار ومراعاة أصوله، ولذا نؤكد دائماً أن مؤسساتنا الدينية ليست مؤسسات كهنوتية ولا ينبغى أن تكون أو تقترب من ذلك، كما أنها ليست محاكم تفتيش، فمهمتها البيان لا الحساب.

-

وزير الأوقاف