عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أن يهب شعبٌ بأكمله وبكل طوائفه ليلتفوا حولَ زعيمٍ من بنى وطنهم يثقون فيه ويعقدون عليه الآمال ويتحدون به أساطين المستعمر وكبرياءه وغروره، ويؤكدون أنهم مع زعيمهم وحدهم الذين يقررون مصيرهم ويطالبون باستقلالهم، فإنه لشعبٌ أبى وإنه لزعيمٌ جسورٌ وإنه لحدث يستأهل أن يكون ذكرى خالدة فى ضمير ووجدان الأمة ويكون عيدًا للجهاد فى تاريخها.

إنه الجهاد الذى سطر أحداثه المصريون بنضالهم ووحدتهم، فى سجل الشرف والتاريخ، ليكون شرارة البدء فى مسيرة الكفاح ضد المستعمر والمحتل الإنجليزي، مقدمين أزهى صور التوحد خلف زعيم الأمة سعد زغلول ورفاقه الوطنيين الذين أسسوا معا تيار الحركة الوطنية المصرية، والذى تحرك نحو استقلال الوطن عن بريطانيا، وانتزاع ثمرة الحرية بتحرير الأرض، ففى مثل هذا اليوم من عام 1918 توجه الزعيم سعد زغلول إلى بريطانيا ومعه رفاقه للمطالبة باستقلال مصر، فمع انتهاء الحرب العالمية الأولى قرر الحلفاء المنتصرون فى الحرب الاجتماع لتقرير كيفية تقسيم الغنائم من خلال مؤتمر باريس للسلام 1918، فقرر الزعيم سعد زغلول ورفاقه على شعراوى وعبدالعزيز فهمى الذهاب إلى مؤتمر الصلح لتمثيل مصر وطلب الاستقلال، وذهبوا إلى دار الحماية البريطانية لمقابلة المندوب السامى البريطانى السير ريجنالد ونجت، لطلب السماح لهم بالسفر والمشاركة فى المؤتمر، محددًا فى مطالبه المبادئ الأربعة عشر، والتى من بينها حق الشعوب فى تقرير مصيره، وإنشاء عصبة الأمم المتحدة لحل المشكلات الدولية والسلام فكان الرفض من المفاوض الإنجليزى الذى سأل للوفد: بأى صفة تمثلون الشعب؟ وهنا يعلن المصريون التحدى ويتكاتفون وهب الشعب بكل فئاته لجمع التوكيلات للوفد لتفويضهم للسفر، وليجمعوا ثلاثة ملايين توكيل فى وقت كان تعداد المصريين 11 مليونا ونصف المليون، ولتكون النواة الأولى لثورة 1919 وتشكيل حزب الوفد.

 ومن المفارقات أن الثالث عشر من نوفمبر الموافق لعيد الجهاد الوطني، فى مثل هذا اليوم أيضاً بالعام 1935 ألقى السير صمويل هور وزير الخارجية البريطانى فى لندن، خطابًا تهكم فيه على الدساتير المصرية، واصفًا دستور 1923 بأنه غير صالح للعمل ودستور 1930 لا يتوافق مع رغبات الأمة، مضيفا أن بريطانيا نصحت بألا يتم إعدادهما من الأساس، لتندلع المظاهرات فى القاهرة، ويقابلها البوليس بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، وكان أول الذين قتلوا عاملا فى سرادق الاحتفال بعيد الجهاد، لتتجدد المظاهرات فى الأيام التالية، وكانت أهم المظاهرات هى التى قام بها طلبة جامعة «الملك فؤاد» القاهرة حاليًا والتى اندلعت فى كوبرى عباس وأطلق البوليس النار عليها فقتل عددًا من الطلبة.

وليس ذلك ببعيد عن خروج 33 مليون مصرى ضد الذين أرادوا نهب الوطن فى ثورة 30 يونيو، مؤكدين هذه اللحمة الوطنية وترابط أبناء الشعب ضد خفافيش الظلام وضد دعاة الفرقة، وكذا الترابط بين رجال الوطن من الجيش والشرطة، هذا التكاتف الذى يمثل الصخرة الصلبة التى تحطمت عليها المؤامرات، مع قائد مصرى بطل من هذه الأرض الطيبة ومن أبنائها الشجعان الذين سيذكرهم التاريخ بحروف من نور، لأنه استجاب لصوت المصريين، وتم إسقاط حكم فاشى سعى لإسقاط الوطن واحتلاله، وهكذا كانت ثورة 19 رمزاً للوحدة الوطنية فى ملمح الهلال مع الصليب، فكان لها بالغ الأثر فى كل ما تحقق من مكاسب على مستوى تحرير الأرض ووحدة الأمة المصرية، كما شكلت مشروعًا قوميًا أثمر مبادئه فى دستور 1923 فكان مشروعًا فارقًا نحو نهضة مصر، ومن هنا كان الشعب المصرى بكل طوائفه يتوجه فى مثل هذا اليوم إلى ضريح سعد زغلول، يضعون الزهور ترحمًا على رمز النضال ورائده، لتمثل هذه المناسبة الوطنية رسالة قوية لكل المصريين لأنها بمثابة صفحة وطنية رائعة فى تاريخ حرية الشعب المصرى، يستلهم منها روح التضحية والفداء من أجل الوطن، ويتذكر من خلالها الأجيال كيف أن مصر منذ أكثر من 100 عام كان بها رجال ضحوا وتحملوا الاعتقال والنفى من أجل مصر، ويؤكد أن المصريين هم الصخرة الصلبة التى تحطمت عليها كل المؤامرات والدسائس والفتن التى تنال من الدولة المصرية ومن الشعب المصري.

ويأتى الاحتفال بهذا اليوم العظيم فى إطار الاستمرار فى بناء حزب الوفد وتفعيل دوره مع الناس فى الشارع، لأن الوفد نشأ من رحم الأمة المصرية ولم يكن ملكا لأحد، لكنه ملك الأمة منذ نشأته عام 1918، ودائما يحمل هموم الشعب المصرى على عاتقه، فعيد الجهاد إذَا عيد قومى مصرى خالص يمثل صفحة وطنية رائعة فى تاريخ الحرية للشعب المصري، ويعد عنوانا للفخر بين طوائف الشعب كافة، لأنه يمثل جزءًا أصيلا من تاريخهم الوطنى المشرف وكفاحهم العظيم، كما يعد فرصة كبيرة لاستلهام الروح الوطنية فى ظل التحديات التى لا يزال الوطن يواجهها على جميع المستويات، حتى تبقى روح التضحية محفورةً فى ذاكرة الأجيال المتعاقبة لتظل على العهد وفوق طريق الكفاح لا تتوانى عن نصرة وطنها مهما كانت التحديات، والمؤامرات التى تحاك للنيل منه، وليظل المصرى ريحًا عاتية وبركانًا ثائرًا فى وجه كل من تسول له نفسه أن ينال من وطنه الأبى الجسور الذى يبقى صلبا وصلدا أمام كل معتدٍ.