عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

إذا كنت من هؤلاء الذين يعتزلون متابعة أخبار الجريمة للحفاظ على هدوئهم الداخلى وسلامتهم النفسية، اسمح لى أن أخبرك بأن هذه العزلة لن تحميك وأن هذا الاختباء لن يفيدك، ولن تستطيع الهروب من النتائج، لأننا ببساطة أصبحنا دائماً على موعد مع جريمة تهز قلوبنا، أو فيديو يصيب صحتنا العقلية والنفسية بالصدمة، ويجعل مشاعرنا فى حالة شلل.. وآخرها فيديو جريمة الإسماعيلية، لنصبح أمام ظاهرة عنف غريبة تنهش فى مجتمع لم يكن يعرف انتشار مثل هذه النوعية من الجرائم بهذا الشكل.

- الأخطر من ظاهرة العنف هذه، هى ظاهرة التعاطف مع المجرم والتى تظهر فى العديد من الأعمال الدرامية والأفلام السينمائية التى لا تخفى على أحد،  وتتسلل برفق وتختبئ بخبث داخل نفوس قطاع كبير وشريحة عريضة من المجتمع، وتظهر هذه الحالة جلياً فى كثير من الأعمال التى يقدمها الفنان محمد رمضان على سبيل المثال لا أكثر.

- هذه النوعية من الأعمال الفنية تعزز من ثقافة عدم الحكم على الأشخاص من خلال أفعالهم وإنما من خلال حالاتهم النفسية والتجربة الحياتية الخاصة بهم، ويمكن للمشاهد أن يرتكب ذات الأفعال الإجرامية بضمير مطمئن لو وضع نفسه مكان هؤلاء الأبطال.

- المجرم هو المجرم ولكن هذه النوعية من الأعمال الدرامية تجعلنا ننظر إلى المجرم بصورة جديدة لا أكثر، فهذه النوعية من الأعمال السينمائية والدرامية بمثابة فن صناعة الجريمة والتعاطف مع المجرم.

اللافت للانتباه أيضاً هو سهولة تبرير الجريمة وإرجاعها للاضطراب النفسى بقصد أو بدون قصد، لاحظ معى نماذج من عناوين عدد من الجرائم تناولته  المواقع الإخبارية المصرية خلال فترات متقاربة جداً من هذا العام:

- السبت 11 سبتمبر 2021

دفاع المتهم بالتحرش بطفلة الطالبية: موكلى «مريض نفسى»

- الأحد 6 يونيو 2021

زوجة قاتل والديه وشقيقته وطفليه: «مريض نفسى وعمره ما ضربنى»

- السبت 4 سبتمبر 2021

القصة الكاملة لواقعة قتل شاب لشقيقه فى الإسماعيلية.. «مريض نفسى»

كشف غموض العثور على جثة فى ترعة بالدقهلية.. وزوجته: «مريض نفسى»

ضبط مريض نفسى يرتدى نقاباً وملابس نساء بمحطة قطار دشنا

- الأحد 13 يونيو 2021

إنقاذ شاب حاول الانتحار تحت عجلات قطار ببنى سويف: مريض نفسى

- الخميس 17 يونيو 2021

«مريض نفسى» يطعن والده أثناء مشادة بينهما بالشرقية

- الثلاثاء 15 يونيو 2021

بعد اعترافه بالكبت الجنسى.. طبيب نفسى عن متحرش قطار الصعيد: مريض بيدوفيليا

تكفيك هذه العناوين.. والسؤال هل يصبح الاضطراب النفسى شماعة نعلق عليها أى خطأ، هل تصير حالتنا النفسية تذكرة مجانية تزيل عن كواهلنا تحمل مسئولية أفعالنا وسلوكنا.

فى كتاب «الهشاشة النفسية» للدكتور إسماعيل عرفة جاء فيه:

إذا فتحنا باب تبرير الأفعال عبر حالة مرتكبيها النفسية فإننا يمكننا أن نصنع فلتر ننتقى من خلاله أى الحوادث يمكننا تبريرها عبر حالة مرتكبها النفسية وخلفيته الحياتية من أجل إثارة التعاطف معه.

ويتساءل الباحثون لماذا صرنا نتعاطف مع الأشرار بدلاً من كراهيتهم؟

فى دراسة بعنوان تأصيل الشخص السيئ وجهات نظر نفسية لـ«ريتشارد كين» يقول: كلما تم تصوير لنا خلفية عن معاناة الشخص الشرير فإننا نميل إلى عزو أفعاله الشريرة إلى الظروف الخارجية لا إلى شرة الداخلى، فقسوة طفولته وطلاق والديه وغلظة رب عمله هو ما يدفع الشرير إلى ارتكاب الشر، والمسئول عنها هو الظروف لا إرادة الشرير، ومن ثم يصير الشرير ضحية بدلاً من المجرم.

وبدلاً من أن يكره المشاهد الشرير ويحاسبه بشدة على أفعالة الإجرامية ويبغضه من أجل شره وارتكابه للمحرمات، تتحول مشاعر الغضب والكراهية والبغض هذه المشاعر الى التعاطف والتسامح والتقبل مع الأشرار، ما يخلق عالماً من التماهى مع الشر والتسامح مع الشرير والتساهل مع الجريمة.

- فى النهاية من يحاول التبرير والتبسيط المخل والتهوين والتسويق لانتشار الجريمة هو مجرم.. نحن فى حاجة ضرورية وملحة لعمل دراسات حقيقية وجادة تجيب عن السؤال.. لماذا أصبحنا هكذا؟ وكيف يمكن للمجتمع أن يتخلص من العنف؟