عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

بخطى غير متوقعة، وأثناء زيارتى لأحد شوارع المحروسة، وأثناء مرورى بشارع العجوزة تحديدًا، لفتت أنظارى أنوار تخطف بريق العين من كثرتها تعتلى السيرك القومى، انتابنى فضول بالدخول، خاصة أنه مر حوالى عامين على آخر زيارة لى لهذا المكان العريق، وبخطوات ثابتة، وقفت على بوابة السيرك، وطلبت تذكرة دخول عرض والتى من المقرر أن تنطلق فى الثامنة والربع، إلا أنه منذ أن دقت الساعة الثامنة وخمس دقائق، غمرنى شعور بالسعادة، عندما بدأ العرض بالسلام الجمهورى ثم تلاه عرض أفلام تسجيلية عن السيرك وتاريخه ونجومه الكبار الذين لطالما ذكرتهم كتب التاريخ المصرى.

عامان مرا ليسا بالكثير، ولكن الاختلاف واضح وضوح الشمس، بدءًا من المعاملة المُقدمة من الموظفين والعاملين والقائمين وصولًا بقلة انتشار ظاهرة التسول التى لطالما كثرت، فضلًا عن النظافة المتواجدة بأروقة المكان، وقلة انبعاث روائح الحيوانات التى كانت تغطى سماء السيرك، ولم يكن هذا فقط، فبدأ موظفون بوزارة الثقافة، بعرض فقرات وعروض السيرك، وبرغم ابتسامتهم البشوشة المرحبة بالقلة المتواجدة، إلا أنه يعتلى وجوههم المعاناة، وهذا يؤكد أن فكرة وجود السيرك لم تختف من روحهم وقلوبهم، إلا أنه فى الدقائق المعدودة لبدء الفقرات، انتابنى الخوف من عدم وجود جيل من الشباب لتلك المهنة، لأن المتواجدين كهول فى السن، الأمر الذى أثار دهشتى، وجعلنى أفكر مرارًا وتكرارًا فى فكرة أن هذا العمل لن تتوارثه الأجيال.

ففى المجمل، زيارتى للسيرك كتجربة أشعرتنى بتطور بوجه عام فى العمل، إلا أن هناك بعض الملحوظات والتى تعتبر سلبيات متواجدة فى المكان، والذى يجب أن تدركه الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة، وهو أن السيرك رمز من رموز المصريين، حتى ولو لم يدر ربحاً على البلاد، إلا أننى سأدعمها وبقوة، وذلك لأنها تعبر عن المصريين وأصالتهم، على غرار ديزنى فى أمريكا بالرغم من تكلفتها العالية للتشغيل وقلة أرباحها، إلا أنهم تمسكوا بها لأنها تعبر عن أصالتهم، وجزء لا يتجزأ من تاريخهم، لذا يجب النظر إلى السيرك فى مصر بنظرة أخرى، مختلفة عن نظرة الربح، خاصة أنها ثقافة مصرية لها نظائر فى دول أخرى يتم دعمها، لذا وجب الاستعانة بخبراء متمرسين فى الاضاءة، فضلًا عن ضعف أجهزة الصوت ويجب تقويته لأنه أثناء تجربتى كان الصوت ضعيفاً جدًا ويكاد لا يُسمع، وأنا لا أتكلم عن الموظفين والعاملين، بل أتكلم عن إدخال نظم حديثة تواكب عصرنا الحالى، عن طريق استحداث الألعاب والأجهزة، بالإضافة إلى تغيير الزى الخاص بالسيرك وذلك ليس لرداءته، ولكن وكما قلت سابقًا يجب أن يُظهر الأصالة المصرية، ومن الممكن أن نستعين بمصمم الأزياء هانى البحيرى لتصميم زى عالمى مناسب لهذا التراث العريق يجدد بصفة دورية، وليس هذا فقط، بل يجب تقديم دورات تدريبية للعاملين فى السيرك فى فن الترحيب بالضيوف والمتواجدين، لذا يجب إعادة السيرك بمنظور تسويقى بحت، بالإضافة إلى فتح باب مشاركة الماركات العالمية داخل السيرك، وتقديم اشتراك مجانى لهم لمدة عام كـ«ستاربكس وكوستا» لتقديم خدماتها لكافة فئات الشعب، وذلك للارتقاء بمنظومة مصرية، ليس هدفها ربحاً ولكن لتوضيح صورة ذهنية عن البلاد وتاريخها وأصالتها، بالإضافة إلى استحداث أجيال جديدة من العاملين بدلًا من فوات الأوان واندثار التراث وإعلان حالة وفاة لهذا الفن بانتهاء حياة العاملين به، خاصة أن الذى يقف على السلم يبلغ حوالى 75 عامًا.

وأختتم حديثى، بتوجيه رسالة إلى وزيرة الثقافة «السيرك القومى سيندثر»، يجب تجديد العقود وزيادة التأمين على حياة العاملين وتوفير شغف يحفز المواطنين على العمل فيه، خاصة أن العاملين هناك يحصلون على حوالى 1000 جنيه، وتقديم أطعمة مُغذية للحيوانات التى وهنت وتهالكت أجسادها خاصة الأسود ذات العظام البارزة نتيجة للجوع، أطالب بالنظر إليه نظرة تراث عريق وليس استثماراً.

وأخيراً وأكثر ما أصابنى باستياء، هو وجود عشرة متفرجين فى سيرك به حوالى 1500 كرسى، يسع المئات والمئات من المواطنين، لذا أطالب بوجود خطة تسويقية لهذا المكان، ولا يجب الاعتماد فقط على المدارس، والطالب ذى العائد البسيط، فأنا حزينة على العاملين بشوشى الوجه مبتسمين يحاربون الدنيا وهلاكها بعلامات تظهر على وجوههم، لأنهم يعرفون جيدًا قيمة السيرك، ولأنه منزلهم الأول والأخير ورمز الحياة، فأين حقهم، ولماذا لا يكرم الشهداء منهم الذين أصيبوا نتيجة سقوط من مرتفع عالٍ أو هجم عليه أسد، فهم لهم دور فى الدولة حتى ولو كان دوراً ترفيهياً للدولة، لذا يجب الإحساس بهم وتوفير سبل الراحة لهم.