هَذَا رَأْيِي
يطل علينا شهر أكتوبر المجيد هذا العام بذكرياته العطرة وقصص بطولاته والتى رغم مرور الزمن لم نحصها عددا وما زال هناك أبطال لهذه المعركة التى ردت لنا اعتبارنا وكرامتنا لم يسلط عليهم الضوء.
ضمن أبطال هذه المعركة والتى ظلت عبقريته مغيبة لأكثر من ٤٤ عاما لا أحد يذكرها حتى فطنت اليها القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسى ليعيد لهذا البطل قدره وقيمته ويكرمه فى احتفالية عام ٢٠١٧ ويمنحه وسام النجمة العسكرية ليؤكد له أن ما يقدمه المصريون لوطنهم لا يمكن أن يُنسى حتى وإن غفل عنه الزمن فترات.
بطلنا ابن الجنوب الطيب الطاهر هو من قطعة من تراب وطن غال عبّر أبناءه عبر آلاف السنين أن حفنة من تراب هذا الوطن تساوى بحور دم من دماء أبنائه الشرفاء فى سبيل أن تظل بلاده حرة لا يدنسها عدو ولا يغتصبها مغتصب أو طامع.
بطلنا الذى ودعنا قبل أن تطل علينا ذكرى أكتوبر العظيمة الـ ٤٨ بأيام هو ابن وبطل من أبطال النوبة الذى رحل فى معية قائد عظيم من قادة حرب أكتوبر العظام هو المشير محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع الأسبق ورئيس المجلس العسكرى إبان ثورة ٢٠١١. بطلنا كان على موعد مع القدر هو وقائده العظيم بلدياته اللذان غادرانا فى يوم واحد.
بطلنا هو حضرة الصول أحمد إدريس الذى كانت لفكرته الفضل بعد توفيق الله أن تحير العدو الغاصب وتعجزه عن الوصول إلى مدلول الاتصالات والأوامر العسكرية بين قادة وأفرع قواتنا المسلحة، هذه الاتصالات والأوامر العسكرية التى كان من السهل على العدو قبل فكرة ابن النوبة أن يعرفها ويفك شفرتها.
فك شفرة التعليمات والأوامر العسكرية من قبل العدو كان مصدر قلق لجيشنا وقياداته وهو يخطط لمعركة استرداد الكرامة.
نعم.. فكرة حضرتك الصول إدريس كانت عصية على فهم العدو وأجهزته الحديثة التى كانت تجعل كلمة السر والأوامر العسكرية معروفة بعد أن كشفت أجهزته الحديثة عنها سترها وسرها.
بطلنا صاحب فكرة شفرة أكتوبر هو حضرة الصول أحمد إدريس الذى اقترح على قائده بعد أن سمع أن العدو يفك ويكشف كلمة السر والأوامر العسكرية وأن القيادة العسكرية بقيادة قائد حرب أكتوبر المجيدة وهو الرئيس السادات، والذين عقدوا اجتماعات للبحث عن طريقة تحول دون فهم العدو لهذه الأوامر والاتصالات العسكرية.
اقترح حضرة الصول أن تكون هذه الكلمات باللهجة النوبية لهجة أهل بلده الطيبين، فهذه الكلمة تنطق ويصعب كتابتها وأن أهل النوبة فقط هم من يعرفونها. فكرة حضرة الصول كانت بالنسبة لقائده فكرة تستحق العرض على قادته حتى وصل الأمر القائد العام للقوات المسلحة الذى أمر باستدعاء صاحب الفكرة.
تم تدريب النوبيين على الخطة الجديدة، بعد حصر أكثر من سبعين مجندًا من أبناء النوبة وتم توزيعهم على مراكز القيادة وغرف العمليات وظلت هذه الخطة يستخدمها الجيش بداية من عام 1971 وحتى حرب 1973، وكان لها فضل فى تحقيق الانتصار على العدو فى أكتوبر، ومن أشهر الكلمات النوبية التى استُخدمت فى الحرب كلمة «أوشريا»: «اضرب» وكلمة «ساع أوي»: «الساعة الثانية»، وظل استخدام هذه اللغة كشفرة فى البيانات السرية بين القيادات واللواءات حتى عام 1994.
لم يعلم أحد بخطة شفرة حرب أكتوبر حتى سنوات قليلة مضت احتفظ بها بطلنا لأكثر من 40 عامًا، قبل أن يفصح عنها، ويلقى على بطولته تقديرًا مصريًا لن يطويه الموت، الذى غيبه عنا.
رحم الله شهداء الوطن وكل عام وقواتنا المسلحة وجنودنا البواسل بخير وعزة وكرامة.