رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكنونات الثقافة المصرية

 

 

 

كان يوجد فى مصر قديمًا حمَامات عامة يذهب الناس إليها للاستحمام، وفى أحد الأيام نشب حريق فى أحد هذه الحمامات وهى مملوءة بالناس، فبعض من كانوا داخل الحمامات خرجوا هلعين وهم عراة ولم يخجلوا من عوراتهم، أما الذين خجلوا واستحوا فلم يخرجوا، وبقوا داخل الحمامات وفضلوا الموت بدلاً من أن يرى الناس عوراتهم، وفعلاً ماتوا. وهذا ما قاله صاحب الحمام كلما سُئل: هل مات أحد فى هذا الحريق؟ كان يجيب: نعم اللى اختشوا ماتوا! فصارت مثلاً إلى يومنا هذا.

مات «اللى اختشوا» وانقطع نسلهم، وبقى لنا «اللى مابيختشوش»، شعارهم: إذا لم تستحِ فافعل ما شئت. وقد فعلوا بنا ما شاءوا ومازالوا يفعلون. هؤلاء سبب تأخرنا وتدهور اقتصادنا وتأخر تعليمنا وضياع صحتنا.

كان التعليم عندنا تعليما حقيقيا منضبطا، جاء هؤلاء - اللى ما بيختشوش - فدمروه، ولا تجد فى أية دولة هذا التعدد والتشتت فى نظم التعليم، فعندنا مدارس حكومية ومدارس خاصة ومدارس أجنبية -على كل لون يا بتستا- يابانى وفرنساوى وبريطانى وأمريكاني.. ومدارس دولية أُنشئت بحجة تدنى مستوى التعليم الحكومى ومخرجاته. غير آخذين فى الاعتبار أن هذه المدارس تعتمد فى الترويج لنفسها على اتباع التقاليد الغربية، وهو ما ينعكس على سلوك خريجيها، وغير مهتمين بتأثير ذلك على لغتنا العربية التى تتعرض لحرب شرسة ومحاولات مستمرة لطمسها على كافة المستويات، ونجحت المدارس الدولية فى أن تؤصل للتمايز الطبقى وتخلق تشوهات اجتماعية. ولا يعلم هؤلاء أن محمد على باشا أغلق المدرسة اليونانية التى كانت موجودة منذ نهاية القرن الثامن عشر، لينضم الطلبة اليونانيون للدراسة فى المدارس الحكومية التى أنشأها، وكان يرفض بشدة إنشاء مدارس أجنبية طوال فترة حكمه. إن تنوع النظم التعليمية ما بين محلى ودولى أدى إلى ضعف تماسك أفراد المجتمع وتفكك النسيج المجتمعي. ولم يكتفِ هؤلاء - اللى مابيختشوش - بهذا بل غيروا طرق التعلم التى تربى عليها أجيال بطرق غير مرنة وغير متدرجة.

إن فهم طبيعة النظام التعليمى السائد فى أية دولة، يعد شرطا أساسيا لنجاح أية محاولة لإصلاحه أو تجديده، ونحن لدينا نظام تعليمى هلامى غير مفهوم، وسبق أن طالب خبراء التعليم وزير التربية والتعليم بأن يقدم لهم السياسة التعليمية التى يتبناها، لكنه لم يقدم لهم شيئا، اللهم غير هذا التابلت الذى كلف الدولة ملايين الجنيهات، ولم يستخدمه التلاميذ إلا فى تحميل الألعاب الالكترونية. نحن لا نعترض على استخدام التكنولوجيا فى التعليم، ولكن ذلك يتطلب توفير بنية تكنولوجية قوية، وثقافة مجتمعية مؤهلة، ويتطلب كذلك معرفة المتعلم بكيفية استخدام تلك التكنولوجيا، وهو ما لم يتوافر فى البيئة التعليمية.

وآخر إبداعات الوزير شوقى هى إصداره كتابا دوريا رقم 26 لعام 2021 بشأن آليات وضوابط سد العجز بأعضاء هيئة التدريس بالمدارس، فبدلا من تعيين خريجى كليات التربية المؤهلين لذلك؛ نص الكتاب على فتح باب التطوع بالمدارس من حملة المؤهلات العليا التربوية، نظير مكافأة 20 جنيها للحصة. وبهذا يوفر الوزير للدولة آلاف الدرجات المالية. ليتعلم هؤلاء المتطوعون طرق التدريس فى التلاميذ الذين تعبوا من كثرة التجارب عليهم.

نقول لهؤلاء الذين أفسدوا نظام التعليم، ولغيرهم ممن لا يختشون: إختشوا على دمكم واستقيلوا لا رحمكم الله.