رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

على فكرة

وعنوان المقال ليس لى، بل هو التعليق الذى عبر به بحسرة وسخرية، واحد من الأثريين، وهو يشهد البلدوزرات تهدم قصر اندراوس باشا، الذى بناه « اندراوس» عام 1897 وورثه عنه ابنه المناضل الوفدى «توفيق اندراوس» ويتصدر واجهة معبد الأقصر، ويطل بشموخه ورونقه على ضفاف النيل، ويشكل أحد الملاح التاريخية لمدينة الأقصر، انتهى الأمر، واجتمعت الكلمتان المتناقضتان المعبرتان عن الهدم والبناء فى جملة واحدة: بلدوزر وحضارة، وسويت جدران القصر المبنى على الطراز الإيطالى بالأرض، وبات كومة من التراب، لكن الطريق الى هدمه لم تكن سالكة بل هى مليئة بالشكوك والألغاز فضلا عن الأسئلة التى لم يحرص المعنيون بالأمر بالرد عليها!

تدفقت مبررات هدم القصر، بعد اتمام المهمة، من جهات تنفيذية ظلت غائبة عن المشهد، مثل المجلس الأعلى للآثار، ووزارة السياحة والاثار التى أصدرت قرارا بنزع ملكية القصر، وضم الأرض المقام عليها لحرم معبد الأقصر، وبعد صمت معيب من الجهات التنفيذية، عن تهدئة قلق الرأى العام، أو مناقشة الجهات المختصة، التى عارضت قرار الهدم. فقرار الهدم اتخذته لجنة المنشآت الآيلة للسقوط بمحافظة الأقصر، برغم أنه من المبانى التراثية، ويقع فى دائرة اختصاص وزارة الثقافة وجهاز التنسيق الحضارى، وسبق للجهاز قبل سنوات معارضة التوجه لهدمه. والقصر كما قالوا، متصدع وآيل للسقوط، بعد محاولة لصوص الآثار الحفر والتنقيب أسفله، وتم ضبطهم والتحقيق معهم، دون معرفة لما آلت اليه نتائجه، والأرجح أن أهمها كان القرار بهدمه.

أما المفاجأة الكبيرة، فهى ان أسفل القصر، توجد بقايا معبد رومانى سيكشف عن تفاصيله مستقبلاً، بالإضافة الى أن هدمه سيسمح بتطوير طريق الكباش أما أسخف المبررات، فهى تلك التى ساقها أحد التنفيذيين فى الأقصر ظنا منه أنه يقلل من أهمية القصر، حين ذكر أنهم لم يجدوا بداخله شيئاً ذا قيمة، فكل ما هناك بعض أثاث وأجهزة كهربائية متهالكة. مع أن كما هائلاً من التحف الأثرية النادرة التى يحتويها القصر بطابقيه الكبيرين. تم تخزينها منذ سنوات فى مخازن المحافظة.

تلك هى الرواية الرسمية لهدم القصر، أما الرواية الأخرى، فتقول غير ذلك حيث أكد أثريون متخصصون أن التصدع الذى طال القصر كان يمكن ترميمه لانه مبنى بالطوب اللبن وان محاولات تجرى منذ عقود لهدمه والتعلل بأن اساساته تضررت من التنقيب بما جعله آيلا للسقوط، هو تحايل على القانون لتنفيذ الهدم.

أما اللغز الأكبر فهو مقتل نجلتى مالك القصر قبل نحو 8 سنوات دون سرقة أى شيء من محتوياته كما ذكرت التقارير الأمنية، ولم تكشف حتى الآن ملابسات القضية التى قيدت ضد مجهول وكانت النجلتان قبل مقتلهما قد نجحتا فى الحصول على حكم قضائى بعدم هدم القصر!

علاقة وثيقة تربط بين هدم القصر التاريخى، واقتلاع الشجر، ونشر القبح البصرى والسمعى فى كل حيز ومكان، علاقة نمت وترعرعت مع التعود على العيش مع من يعبثون بمشاعر البشر لصالح الحجر و من لا يبالون بإحداث قطعية مع الماضى والتاريخ، من يغضون النظر عن القيم الجمالية والبيئية للأشياء من لا يعرفون معنى حميمية المبنى والاثر التاريخى على مشاعر الناس وعلى ذاكرة الأمة وهويتها.

رأيت بعينى هدم فيلا أم كلثوم المبنية عام 1938 على نيل الزمالك ليقام مكانها برج قبيح الشكل والهيئة، تذكرت ساعتها وصف احمد فؤاد نجم للطبقات الجديدة التى تنتفح جيوبها وتخوى عقولها وتنتشر فى بر مصر: طبقة سطيحة وعاملة فصيحة، وجايبة فضيحة وجالبة العار لكن تذكر شعر نجم لم يمنع دموعى من الانسياب وقديما قالوا ان العين التى لاتبكى لا تبصر واقع الأشياء فليتهم يبكون.