رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

على فكرة

افترشت أرض المكتب بقواميس اللغة العربية وكتب الأمثال الشعبية، لكى أبحث عن القائل، أن السكوت علامة الرضا، فلم أظفر سوى بأنه مثل شعبى شائع، ينطوى على ما تحفل به بعض الأمثال من حكم وما يشوبها من تناقض.. فقد يكون سكوت الفتاة عند طلبها للزواج، علامة موافقة لأنها قد تخجل من إبدائها علنا أمام الأهل.أما سكوت الجمهور المواطن عن أشياء لا يقبل بها، وسياسات لا يرضى، عنها فهذا خطر عميم. لماذا ؟ لأنه قد يكون صمت الغاضب الملتاع،أو هو صمت المنافق النهاز للفرص، الذى يقبع ساكنا، ليغتنم الوقت المناسب بما يعظم مكاسبه. 

وربما يكون الصمت ضعفًا أو عجزًا عن المواجهة، أو خوفا من عدم القدرة على تحمل نتائجها،أو توطؤا على خلل أو فساد. و قد يكون سلوكا من العدمية التى تمجد اللامبالاة، وتساوى بين كل الأشياء :الطيب والخبيث، الجميل والقبيح.

كنت أغالب حر أغسطس القائظ ورطوبته المتوحشة، بعدما توقفت من سنوات، بأوامر طبية،عن استخدام التكييف، بالاستماع إلى أغانى المطرب «فايد محمد فايد» أثناء تصفحى للأخبار على وسائل التواصل الاجتماعى، حين داهمتنى الفكرة السابقة عن الصمت والرضا. ويعد «فايد «واحدا من المطربين الشعبيين الكبار،الذى امتلك موهبة مميزة فى الطرب والتلحين، تجلت فى صوته الشجى الحساس، لكن الحياة لم تكن سخية معه، ولم تمنحه حظا مماثلا لموهبته فتوارى إنتاجه الغنائى فى الظل، ولعبت المنافسة الشرير دورا فى تجاهله. 

كان فايد يشدو أغنيته الشهيرة :

سوق الحلاوة جبر، واتبغددوا الوحشين، ياهل العقول والنظر، ابكوا على الحلوين. 

بذلت مجهودا عسيرا كى أفصل بين ما أقرأ وما أسمع. فما هو منشور يثير الغم ويجلب الكمد، وربما يصف ما أسمعه بعض ما أقرأه، بأقل مما أتمنى،بالإضافة إلى أنه يطرح تساؤلات عن مبررات الصمت الرسمى، الذى لا محل فيه للرضا ! 

انزعجت مما قرأت : مسارح الدولة تنتج،مسرحيات تحقق نجاحا جماهيرا مذهلا تتيحه شعبية نجوم العرض، وبراعة منفيذه ومخرجيه،فضلا عن الأسعار المنخفضة لتذاكره، مما ساهم فى استمرار العروض لعدة شهور، بسبب امتلاء مقاعد المسارح بعائلات بكاملها، ربما ترتاد المسرح للمرة الأولى. 

وفجأة ننام ونصحو، لنجد نفس العروض بنفس النجوم مع تغيير فى المخرج وفريق الممثلين والفنيين والجهة المنتجة، معروضا على مسارح القطاع الخاص، بأسعار فلكلية ولجمهور مختلف يمتلك أسعارها، فنتساءل: هلى يستطيع القطاع الخاص الإقدام على تلك الخطوة، دون موافقة من الدولة ؟ وبما أن الدولة هنا ممثلة فى وزارة الثقافة التابع لها البيت الفنى للمسرح، فهل وافقت الوزارة على ذلك ؟وبأى شروط؟ وأين حقوق الدولة ومسارحها وفنانيها ومخرجيها المالية والأدبية،إذا كانت حقوق المؤلفين قد سقطت كما يسوق المبررون لتلك الخطوة ؟ولماذا تمتنع مسارح الدولة عن تصوير تلك المسرحيات، وتقديمها لجمهور أوسع عبر القنوات الأرضية والفضائية لكى لا ينفرد القطاع الخاص بالتربح منها ؟ ولماذا يتم استحلال المال العام هكذا، لخدمة القطاع الخاص، الذى لا يتحمل المسئولية الاجتماعية التى تقع عاتق مسارح الدولة وفنونها ؟

ذهبت كل تلك الأسئلة أدراج الرياح، وبقيت معلقة بصمت رسمى مطبق بشأنها، فى الوقت الذى تنشط فيه المليشيات الإعلامية للترويج لما يقوم به القطاع الخاص. 

على فكرة،السكوت عن الإجابة عن تلك القضية ليس علامة رضا، بل هو استهانة غير مقبولة بحقوق اجتماعية، لايملك الصامتون حق تجاهلها، لأنها حقوق دستورية. 

نعود لصوت محمد فايد يشدو : ياما رخص غالى، وياما نزل عالى،و الورد لما انقطف، لونه الجميل اتخطف، والشوك أوانه ظهر، عطل على الياسمين، سوق الحلاوة جبر!!