عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

منذ ستة عقود او أكثر ومصر تدفع أثمانا باهظة من أمنها القومى بمستوياته المختلفة كنتيجة مباشرة للتدهور المأساوى فى منظومة التعليم، التى للاسف ارتكزت على الجمود والتلقين واستباحة المجتمع للغش الجماعى بغية التفوق الوهمى فكانت مخرجات هذا النظام العقيم «اشباه متعلمين» كارثة قومية بكل المقاييس انسحبت آثارها على مناحٍ كثيرة أخطرها البنية الفكرية للعقل الجمعى للأمة والتى يغلب عليها الخطاب الشعبوى «populist policies» خطاب عاطفى مبهم يميل إلى إثارة المشاعر وإلهاب حماس الغوغاء فهو يبسط القضايا المصيرية ويضعها فى قالب مسرحى كرنفالى لتتماشى مع المزاج السائد، حيث يزعم الجهابذة أن السياسة شيء سهل يمكن للجميع إدراكها وما تعقيدها الا مكيدة وضعها النخبويون لإبقاء العامة خارج دائرة صنع القرار وبسبب غياب الرؤية وتشوش الأفكار، فالتعامل الجاد والمسئول مع المشاكل الواقعية يعد ضربا من المستحيل وطبعًا لا عزاء للمنهجية العلمية بسبب الجراءة العبثية لمسائل دقيقة ومعقدة قد يحار الخبراء المختصون فى الإحاطة بها، لذلك يمثل الخطاب الشعبوى ثورة ضد النخبة الشريرة الفاسدة!!

وللتنويه يجب التفريق بين الديماجوجى الذى يهدف إلى تضليل الآخرين، بينما الشعبوى يبدأ بتضليل نفسه وهنا مكمن الخطر الذى قد يتسبب فى انهيار دول وفناء امم، فقد تسبب خطاب هوجو تشافيز الشعبوى ومن بعده سلفه مادورو فى إفقار فنزويلا الغنية بالموارد الطبيعية واحدى كبار اوبك حتى وصل معدل التضخم لمستوى قياسى 4210% ونفس الشيء فعله صدام حسين الذى انهك بلاد الرافدين فى حرب سريالية مع إيران ثم دمرها تماما فى مغامراته المجنونة بغزو الكويت واللافت ان الخطاب الشعبوى توسع فى السنوات الماضية، عندما وصل المزيد من الشعوبيين إلى السلطة فى وسط وشرق أوروبا، وانتخاب دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الهندى نارندرا مودي، والرئيس المكسيكى لوبيز أوبرادور، والرئيس البرازيلى بولسونارو. وهؤلاء يحكمون البلدان الأكثر اكتظاظا بالسكان فى العالم.

وفى الأمس القريب عانت مصر من نكسة مزلزلة جراء الحسابات غير الدقيقة والتى كبدتنا خسائر فادحة أخرتنا عن التقدم والحداثة سنين ضوئية وهو ما لا يجب علينا ان نقع فى فخ الشعبوية مرة أخرى، فمشهد حماس الجماهير الغفيرة فى ستاد القاهرة بمناسبة احتفالية حياة كريمة كان كفيلا لاغراء أى سياسى انتهازى بالتمادى بإلقاء خطبة عصماء حنجورية عن القتال من أجل الكرامة والحرب المقدسة.. الخ والتى بالتأكيد سوف تدغدغ أعصاب جمهور المقاهى وتستقبلها الايادى بالتصفيق الحار ومن ثم اكتساب شعبية زائفة لا تسمن هذا الوطن او تغنيه من جوع، لذا فقد أحسن الرئيس صنعًا بترشيد حماس هذا الجمع والسيطرة على مشاعرهم الجياشة بطريقة حكيمة لاسيما فى وقت العالم يضعنا تحت المنظار ويتصيد لنا أى خطأ او هفوة فى التعامل مع ملف السد الإثيوبى ليلقى بنا تحت مقصلة اللوم وربما العقوبات لاشك أن الرأى العام وقع تحت طائلة حملة دعائية جوبلزية ممنهجة من قبل اعداء الوطن من اجل الضغط الشعبى على القيادة السياسية لضرب السد قبل الأوان والانزلاق فى مستنقع الحرب التى لن تكون بأى حال من الأحوال نزهة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة بسبب اعادة بناء البلاد أو تداعيات فيروس كورونا، وهنا يجب التماس العذر لمخاوف الناس المشروعة المتعلقة بشريان الحياة الوجودى لمصر، لكن بعد ان تبددت غيوم الكذب الإثيوبى وفضح الفشل الذريع للملء الثانى الذى لم يصل بعد إلى نقطة اللاعودة، لذا يجب ان ندرك انها معركة الصبر والنفس الطويل وان ليس كل ما يعرف يقال أو كما قال صاحب كتاب فن الحرب إن الأعظم بين القادة ليس المنتصر فى مئة معركة، بل ذلك الذى لا يحتاج إطلاقا إلى القتال لينتصر.