رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

الإدراك عندنا أهل الفلسفة نوعان ؛ ادراك حسى وادراك عقلي، أما الأول فالمقصود به الادراك الذى يتم بواسطة الحواس الخمس وقديما قال أفلاطون إننا لاندرك بالحواس وانما من خلال الحواس محاولا التقليل من دور الحواس فى المعرفة الانسانية . وجاء بعده أرسطو ليؤكد على الدور المهم والرئيس الذى تقوم به الحواس الخمس فى تقديم المعطيات الحسية مرئية كانت أو مسموعة.. الخ كمادة خام تتفاعل معها قدرات العقل الادركية فتحولها إلى أفكار وتصورات تبدأ بها المعرفة الحقيقية المميزة للانسان.

 ومن هنا كان قول أرسطو أيضا بأن العقل يدرك الصور المعقولة بينما يتوقف الحس عند نقل الصور المحسوسة ولنلاحظ هنا أن المشترك بين القوى الادراكية للانسان هو إدراك الصورة ، وصورة الشيء عند أرسطو تعنى ماهيته وجوهره. وقد نجح أرسطو فى اطار نظريته المعرفية أيضا فى التمييز - كما قلنا - بين العقل الاستدلالى الذى يكتفى باقامة استدلالاته استقرائية كانت أو استنباطية من خلال تنظيم المعلومات التى استقاها من مصادرها الحسية والعقلية فى صورة نسقية إما أن تبدأ من الجزئيات إلى التعميم على الكل فتكون استدلالا استقرائيا أو تبدأ من الكل لتنتهى لنتيجة جزئية فنكون استدلالا استنباطيا  يقينيا هو مثال العلم الاستدلالى عنده لأن به تمام اليقين ، وبين العقل الحدسى الذى يدرك المبادئ الأولى للاشياء وللوجود وعلى رأسها بالطبع ادراكه لعلة العلل وصورة الصور : الإله المفارق و المحرك الذى لايتحرك. وفى الحقيقة أنه لم تخرج نظريات المعرفة لدى الفلاسفة بعد أرسطو وحتى الآن عن التأكيد على هذين النوعين الأساسيين من الادراك ، كل ماهنالك أن بعضهم يميل إلى الثقة بيقين المعرفة الحسية أكثر من المعرفة العقلية وبعضهم الآخر يرى العكس وكل فريق له مبرراته وحججه ؛فالحسيون أميل إلى المعرفة العلمية الاستقرائية والدفاع عنها والآخرون أميل إلى المعرفة الرياضية والفلسفية النظرية والدفاع عنها. ولم يشذ عن هؤلاء وأولئك إلا أصحاب الرؤى الدينية الصوفية الذى يرون أن الحق والحقيقة لايملكهما إلا الله ولابد للمؤمن أن يخلص فى ايمانه وعبادته حتى تنكشف له الحقيقة من الله ذاته . وهذا مايسمى بالكشف الصوفى أو إن شئت سمه الحدس الصوفى . المهم أن هذا النوع الثالث من الادراك هو إلهام إلهى ينزل على العبد المؤمن من ارتباطه بعالمه العلوى الالهى حيث تنكشف أمامه الحقيقة بشكل يزول معه أى ريب على حد تعبير الإمام أبو حامد الغزالى . ولاشك أن هذه الرؤى الصوفية الحدسية تمثل درجة مابعد العقل الاستدلالى أو الحدسى . فمابالنا اليوم بمبدع مصرى يدعى سعدنى السلامونى يدعونا إلى مايطلق عليه محو الأمية البصرية ويٌعرف لنا العلوم بأنها ثلاثة لارابع لها « 1-العلم منتج بصرى يأتى من عين الوجه وعين العقل ، فبصر العقل وخياله دائما مايأتى من بصر العين 2-علم العلم منتج البصيرة يأتى من رحم عين الروح 3- علم العلوم منتج بصيرة البصيرة يأتى من رحم عين القلب «     فهل ذلك النص السابق يختلف عن ماقلناه فى التمييز بين رؤى العلماء والفلاسفة لنوعى الادراك ( الحسى والعقلي) باعتبار 1 من النص السابق  وبين رؤى الصوفية باعتبار 2و3 منه ؟! . إنى لاأرى اختلافا إلا فى استخدام مبدعنا لاصطلاحات جديدة من رحم تأملاته الفطرية ورؤاه الكشفية . واذا لم يكن الأمر كذلك فهل يريد أن يعود بنا سعدنى السلامونى إلى عصر ماقبل اللغة الطبيعية والرمزية ، إلى عصر اللغة المصرية القديمة المعروفة بالهيروغليفية وقد كانت فى بدايتها لغة الصورة المنحوته أم ماذا ؟! وهل هذه الدعوة إلى اللغة البصرية الجديدة ومحو أميتنا ازاءها جديرة بتأسيس مدارس ومعاهد وأكاديميات للانتقال إلى عصر تعليمى جديد يمكن أن ندعوه « عصر مابعد العقل وعصر ماقبل العقل فى آن معا « ؟! .

عموما فأنا مؤمن بمقولتى  قطب العارفين وترجمان الواصلين  الصوفى الكبير ابن عطاء الله السكندرى :»مانفع قلب شيء مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة « و» لايٌخاف عليك أن تلتبس الطرق عليك وانما يٌخاف عليك من غلبة الهوى « . والسؤال هل غلبنا هنا الهوى أم التبست علينا الطرق ؟! لعل الأمر يقتضى منا أن نعود إلى العزلة لنعاود الدخول إلى ميدان الفكرة مرة أخرى لعلنا نهتدى إلى  الصواب .

[email protected]