رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

على فكرة

كان من عادة «صلاح عيسى «حين الرجوع  إلى المنزل من العمل، أن يحمل معه رزمة من الصحف والمجلات الصادرة فى نفس اليوم  . ذات يوم أبدى  جارنا دهشته من تلك الحمولة ، وقال له ونحن نصعد معا فى الأسانسير: ياخبر أبيض بتقرا كل ده ، فرد صلاح ضاحكا: حنعمل إيه  بقى ،ماهى دى عدة الشغل .  

كانت عودته للمنزل صاخبة  تملأ أرجاء البيت بالحيوية والحركة ، و تحمل معها وعدا يوميا بالفضفضة ، وتبادل الأخبار ، والشكوى من متاعب العمل وما يعترض يومنا من بعض سخافات الحياة وخيباتها ، وما تجود به علينا  من أفراح عابرة . يلقى بحمولته على أول مكان يقابله  فى البيت 0ثم يبدأ فى ملاحقتى، من المطبخ لقاعة الطعام، وقت الإعداد لتناول الغداء ، وهو يواصل الحكى . 

فى ذلك اليوم كانت عودته للمنزل مختلفة،.فتح باب الشقة بهدوء،ثم دخل مباشرة إلى غرفة مكتبه ،القى عليه أوراقه ،ثم استلقى على الكنبة المواجهة للمكتب ، وخيمت  على وجهه علامات التوتر والقلق وهو ما أثار تساؤلى .وردا عليه أجاب  بلهجة تجمع بين الابتسام والحزن : 

- هاجر تركت المكان وحتشتغل فى الأهرام .

-ولماذا الحزن ؟ أولست أنت من نصحها بذلك ؟ 

-لست حزينا ،بالعكس أنا فرحان عشانها جدا ، فهى تستحق ، لكن ذلك لا ينفى أن «القاهرة «قد خسرتها . 

كان الحديث هو عن «هاجر صلاح»  المحررة فى صحيفة الأهرام ،و المحققة الصحفية من طراز رفيع . كانت هاجر  تعمل معه فى  فريق التحرير فى صحيفة «القاهرة «عندما كان يرأس تحريرها. وكان من عادة صلاح أن يزهو بمهارة هذا الفريق من الشباب الذى يعاونه ،  ويحرص فى كل مناسبة  أن يتحدث عن كفاءتهم ومواهبهم الصحفية والمهنية  ، معززا بذلك فرحه  الدائم بالمواهب ، ودعمه  لهم الذى لاسقف لحدوده . وكان من بين هؤلاء «محمد الشماع «و» هاجر صلاح» اللذان صدر لهما مؤخرا عن دار شمس للنشر والإعلام كتاب مشترك بعنوان «حكايات من دفتر  صلاح عيسى « يسجلان فيه تجربتهما  الشخصية فى العمل معه ،وقتما  كان رئيسا لتحرير جريدة القاهرة . 

لم يتوقف الكاتبان عند تأمل ورصد الملاحظات الشخصية الثاقبة عن رئيس يعملان معه، عبر تحقيق استقصائى رفيع المستوى المهنى  . لم يستسلما  كذلك   للطريق السهل ، بل ذهبا  لتوثيق ما توصلا إليه،بالتنقيب عن  أبعاد شخصيته من رفاقه وزملائه ومرؤوسيه ، وتسليط الضوء على رحلته الشخصية والمهنية الشاقة ،بعيدا عن التصورات الشائعة والأحكام المسبقة ،حتى يمكن القول أن من يقرأ الكتاب  لن يعود كما كان  عليه قبل قراءته . 

 أما  دوره العام السياسى والنقابى  والمهنى فقد التقط  الدكتور «عبد المنعم سعيد « عمق البصمة النوعية لهذا الدور ،فى مقدمته الرائعة والمنصفة  للكتاب ،عندما وصف شخصية «عيسى « بالمركبة ،التى تجمع بين الحزن والسخرية والرأى الرصين العنيد ، وتتحلى بدرجة عالية من الاحتراف المهنى ، فضلا عن قدرات تحليلية رفيعة ، لعالم اجتماع سياسى رصين . تكشف المقدمة كذلك عن جانب شخصى يستحق الاحترام  ،يتمثل فى دعم» سعيد «للأجيال الشابة  الجديدة من الكتاب والصحفيين ، باستجابته الكريمة لكتابتها.

يتتبع «الشماع «وهاجر»  بعض ومضات من سيرة «صلاح عيسى «بكتابة  تتسم  بلغة بسيطة سيالة تقترب من  الأسلوب الأدبى الإبداعى ، وتنطوى على فطنة تبدو منطقية لاثنين من الجيل الشاب من الصحفيين  ،المهموم بالشأن العام ،ويمتلك من الوعى ما يدفع  للنظر  إلى مهنة الصحافة  ، لا باعتبارها وظيفة للترقى الاجتماعى ولكسب الرزق ،بل دور ورسالة لقول الحقيقة، والدفاع عن مصالح عامة . 

والكتاب قبل هذا وبعده ،فيض من خلق رفيع ،لانه يحفل بقيمة المحبة والوفاء والعرفان بالجميل ،لمن علمنا حرفا ، كما عبر عن ذلك الإهداء الذى ساقه المؤلفان :إلى  من علمنا الأحرف الأولى  ..صلاح عيسى.