رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

لم يسبق أن خاطب إمبراطور يابانى جموع الشعب بحسب الشعائر الدينية، عادةً ينقل عنه مستشاروه أو أحد أعضاء الحكومة، لكن فى منتصف أغسطس 1945 حظى العامة بفرصة فريدة لسماع صوت إمبراطورهم المقدس هيروهيتو لأول مرة، والذى ألقى خطابا مقتضبا مسجلا عبر الأثير تحدث فيه بحزن دفين عن استخدام العدو لأسلحة جديدة فتاكة قادرة على إزهاق ملايين الأرواح، فى إشارة للقنبلة الذرية، وأكد قبوله ما جاء فى «مؤتمر بوتسدام» دون أن يذكر استسلام بلاده، عندئذ انكسر كبرياء وشموخ موطن الساموراى وأصبحت سيادتها مستباحة لشريعة الكاوبوى الذى شد وثاقها ووضعها تحت الوصاية الجبرية فقام بتفكيك الجيش ونشر قواعده العسكرية على أرجاء بلاد الشمس بل وكتب لها دستورها المهجن، والذى أفرز نظاما سياسيا مهادنا للغرب.

بعدما وضعت الحرب أوزارها انتهت معاهدات الاستسلام الكلاسيكية وأصبح يطلق عليها حديثًا أكليشيهات معتادة مثل محادثات سياسية أو اتفاقيات تعاون، وخير مثال هو رضوخ الدوحة لشروط «اتفاقية العلا» وسفر وزير المالية غداة الاتفاق لقص شريط افتتاح الفندق الفخم على نيل القاهرة التى لطالما سحقت عتاه جبارين وعلقت رؤوسهم على مآذن أسوارها المنيعة عبرة لمن يعتبر، وهي نفسها من أفشلت مخطط قناة الجزيرة الخبيث لإغراقها فى بحر لجى من الفوضى وسفك الدماء كما فعلت سالفًا فى العراق وسوريا وليبيا عندئذ تيقن بدو الصحراء أن الأهرامات الخالدة عصية على الفناء وحاليًا يتوسل حلفاؤهم حكام الأناضول إلى القاهرة لعودة العلاقات الدبلوماسية بعد اعترافهم المبطن بزوال أضغاث خلافة بنى عثمان الغابرة بعد أن دحر أبطالنا فلول إرهاب أحفاد البنا.

حسنا لقد حققت مصر انتصارًا باهرًا بعد أن قامت «بهجمة مرتدة» على وكلاء وذيول الرجل الكبير الذى لم يستسلم بعد ومن منا ينسى تصريح جون ماكين فى 2013 برفضه أن يحكم مصر «ناصر آخر» يبنى بلدا حديثا فتيا وينوع مصادر السلاح من الشرق والغرب ويرسم له خطا سياسيا مستقلا يضعه تحت الشمس، لقد تعودت واشنطن على مدار أربعة عقود على نمط رئاسى مطيع لرغباتها وهذا ما رصده الروائى صنع الله إبراهيم فى رائعته اللجنة وكيف «تمركت القاهرة» عقب زيارة نيكسون الشهيرة وأصبحنا فى حالة يرثى لها من الضعف والعشوائية كنتيجة طبيعية للتبعية، لكن موخراً استفاقت على نوبة صحيان وانطلقت إلى آفاق رحبة من التنمية تسابق الزمن لتلحق ما فاتها، وبسبب ذلك التقدم المذهل نحن الآن فى المستوى الأخير للصراع مع الوحش، لا سيما بعد التواطؤ الدولى والإقليمى فى قضية السد الإثيوبى فى محاولة خسيسة لتركيعنا سواء بقبول الأمر الواقع بتحكم الأحباش فى شريان الحياة أو استنزاف قدراتنا العسكرية والاقتصادية فى مستنقع القرن الإفريقى حتى لا يكتمل بناء مشروع الدولة الحداثية كمًا أجهض مشروع محمد على ومن بعده تجربة عبدالناصر التى كتب عنها ضابط الاستخبارات الأمريكية مايلز كوبلاند فى كتابه ذائع الصيت «لعبة الأمم» فى الوقت الذى ترفض فيه الولايات المتحدة بشكل علنى التدخل فى شأن دولة معينة، فإنها فى الحقيقة تقوم بإيجاد أساليب مبتكرة فى الخفاء للتدخل لأن السياسة الدولية أشبه بمسرح للعرائس. 

ما يجعلك مطمئنا بتجاوز العقبات المقلقة هو أن هناك «رجال ظل» فطنوا لخبايا لعبة الأمم ودائمًا ما يسبقون عدوهم بخطوة متذكرين مقولة بونابرت أن الإرادة القوية تقصر المسافات.