عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

لعل أحد الأسباب التى شجعت إثيوبيا على المضى فى تعنتها حيال قضية السد هو المجتمع الدولى الذى التزم الصمت، ولم يحرك ساكناً إزاء القضية وأثبت أنه لا يمكن التعويل عليه فى حل أية أزمة. إنه الوهم القاتل الذى لم يستطع أن يمنع حرباً أو يفرض سلاماً، كما أنه لم يوفر أمناً، ولم يستطع أن يدير أزمة أو يتعامل مع صراع. هذا فضلا عن أنه لم يردع عدواً ولم يحم حقاً مشروعاً أو يعلى صوت الحق فوق صوت القوة. ولذا نقول إنه مجتمع وهمى باءت المحاولات معه بالفشل الذريع وذهبت الحقوق فى ظله أدراج الرياح. ولهذا يتعين علينا أن نسقط المجتمع الدولى من حساباتنا عند تعاملنا مع أية قضية تخص أمننا القومى، فبعيدا عن الوهم نقول بأن الدور دورنا ويجب إنهاء كابوس الأسد الإثيوبى عبر كل الخيارات.

مهما كانت الرؤية الإثيوبية فهى رؤية فردية لا تستقيم مع التعامل مع نهر ترتبط به أكثر من دولة، وبالتالى لا يمكن الأخذ برؤية تتناقض مع الاطار المرجعى الذى يقره القانون الدولى الخاص بالإدارة المشتركة للنهر وضرورة احترام الاتفاقيات الدولية. لا سيما وأنه كان يتعين أن يكون نهر النيل مجالا للتعاون بين كل شعوب حوض النيل ولمصلحتها جميعا، فنهر النيل نهر دولى لا يجب أن تحتكر دولة واحدة ادارته لصالحها فقط وتتجاهل مصالح الآخرين. وعليه فإن انفراد أى دولة بإدارة النيل الأزرق أو أحد فروع نهر النيل هو سابقة خطيرة فى تاريخ إدارة الأنهار الدولية.

لقد تعنتت إثيوبيا وتراجعت عن اتفاقات سابقة مثل التعهد بعدم المضى فى ملء بحيرة السد دون توافق الدول الأعضاء، كما أنه ليس صحيحا ما تشيعه إثيوبيا من أن الاتفاقيات التى نظمت استخدام مياه النيل الأزرق هى اتفاقيات استعمارية. والدليل أن حكومة إثيوبيا قد وقعت على واحدة من هذه الاتفاقيات وذلك فى عام 1902، وتعهدت بعد ذلك فى 1995 بعدم الإضرار بمصر. كما أن ما يثار عن الحصص العادلة يتجاهل أن إثيوبيا تعتمد على مياه الأمطار ولا تعانى من أزمة مياه، كما يتجاهل القبول المصرى السودانى لحق إثيوبيا فى توليد الطاقة وهو الغرض الرئيسى للسد. غير أن إثيوبيا حولت مصدر الطاقة إلى مخزن مياه، وضاعفت سعة السد أكثر من ثلاثة أضعاف دون مبرر. وعليه لابد من حل يؤكد حق دول المصب المشروع فى استخدام كل موارد القوة بما فى ذلك القوة العسكرية للدفاع عن الحق فى المياه والحياة فى إطار الحق الشرعى فى الدفاع عن النفس.

مصر تدرك اليوم بأنه إذا حدث الملء الثانى فسيصبح الأمن القومى والمائى والغذائى لمصر والسودان فى يد إثيوبيا بلا نقاش. لا سيما وأن إثيوبيا ماضية فى غيها لا تقبل الحلول الوسط، بل إنها تنوى إقامة سدود أربعة أخرى، ولا يظهر فى الأفق إمكانية أن تبادر بالتوقيع على أية اتفاقيات أخرى. الوضع بالنسبة لمصر يمثل خطراً، فبمجرد أن تنفد المياه فى بحيرة السد العالى - ربما خلال سنتين أو أقل - ستبدأ المعاناة. ولو نفد ماء بحيرة السد ومنعت إثيوبيا الماء فالسيناريو الأسوأ وارد بكل تأكيد. لهذا يتعين على مصر الدفاع عن أمنها المائى بأقصى سرعة وقبل فوات الأوان. تدعمها وحدة الشعب المصرى بكل تياراته فى مواجهة التهديد لحقها فى الحياة والمياه والسيادة.