رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

نشط فيروس كورونا اللعين نشاطا ملحوظا خلال أيام شهر رمضان المبارك فى مصرنا المحروسة فحصد آلاف الأرواح بدون رحمة لينقلهم من جحيم الحياة الأرضية إلى حياة السعادة الأبدية فهم جميعا قد نالوا الشهادة بفضله رحمهم الله جميعا برحمته الواسعة! ويبقى السؤال الذى يزلزل أركان العالم الأربعة: وماذا بعد؟

لقد استطاعت الدول المتقدمة صاحبة حقوق ملكية وانتاج اللقاحات أن تسيطر على الأمر وتحمى مواطنيها من الفيروس اللعين وشراسته وتحوراته بينما تركت الدول النامية والمتخلفة وشعوبها تواجه مصيرها المحتوم متجهة نحو الفناء المحتوم وليس أدل على ذلك مما يحدث فى الهند التى تشير احصاءاتها الرسمية إلى اصابة نصف مليون فرد كل يوم يتوفى منهم الآلاف يوميا!

وماذا عنا فى مصر؟! لقد نجحت مصر فى تجاوز المحنة فى العام الماضى بما قامت به من اغلاق جزئي واجراءات حظر التجول والغاء كل صور التجمعات ومن ثم كانت الاصابات فى رمضان الماضى محدودة ونسب الشفاء بين المصابين عالية ، لكن الحال تغير هذا العام 180 درجة فالحديث عن الاجراءات الاحترازية موجود لكن تركت الحكومة  الناس يواجهون المصير الغامض مع عودة الحياة الطبيعية كاملة فامتلأت الساحات والمساجد وعادت الاحتفالات والتجمعات وفتحت المولات والكافيهات بدون حدود. ولما زادت عدد الحالات المصابة وانتشر الوباء انتفضت الحكومه فأعلنت الإغلاق من التاسعة مساء وهذا شىء عجيب؛ فمن المعروف أن التجمعات الرمضانية يكون معظمها من الإفطار حتى صلاة التراويح وكلاهما التجمعات فيها متاحة!

وماذا عن الازدياد الفاحش فى عدد الإصابات؟! الأمر فى نظر الحكومة تحت السيطرة والبيانات اليومية تؤكد أنه لايزال لدينا من 40 إلى 50 فى المائة من أماكن العزل فى المستشفيات فارغة! لقد كنت أصدق ذلك إلى أن دخل كورونا بيوتا كثيرة نعرفها حولنا وفى كل مكان وبدأنا نسمع عن قصص موتى كورونا فى كل هذه البيوت ونحن نترقب ونتحصن فى المنزل ونمارس أنشطتنا عن بعد وعبر وسائل التواصل الاجتماعى ولانخرج إلا لماما وبكل الاجراءات الاحترازية اللازمة، ومع كل ذلك اقتحم الفيروس منزلنا وبدون أن نشعر أنه هنا ومعنا وشيئا فشيئا بدأنا نعرف أنه ربما يكون هو وليس الانفلونزا الموسمية العادية وكانت المسحة التى أجريت طبعا بعيدا عن المستشفيات العامة وجاءت النتيجة ايجابية لزوجتى وابنتى الحامل وانا معهم وبدأنا الرحلة الملعونه منذ أن اكتشفنا نقص نسبة الاكسوجين فى الدم عند زوجتى فكان لابد أن تنقل إلى المستشفى فماذا نحن فاعلون إلا أن نتصل بالأرقام المعلن عنها فلاأحد يرد وحين رد قيل انتظروا.. وماذا ننتظر والى أى مدى وحالتها خطيرة وحياتها مهددة! أخذها ابنى وزوج ابنتى فى سيارتنا الخاصة بحثا عن مستشفى به أنبوبة أكسجين فلم يجدوا بالواسطة إلا فى مستشفى 6 أكتوبرالعام! لكن الحال هناك كان يتسم بالفوضى وانعدام امكانيات الرعاية وعدم وجود جهاز للأشعة المقطعية فكان من الضرورى نقلها إلى مستشفى آخر!  وكم أجريت وأنا فى حالتى الصحية المتدهورة من اتصالات بالمستشفيات الجامعية ولا مكان ولا رد وكم اتصلت بنقيب الصحفيين ومساعديه ولا رد! واتصلت بجريدة الأهرام التى قضت عمرها كله فى عشقها والعمل بها فتداخلت معنا بسرعة بتوجيهات من رئيس مجلس الإدارة وقالوا لننقلها إلى دار الفؤاد وبإسعاف عامة تم نقلها لتظل هناك عشر ساعات فى الطوارئ بلا علاج اللهم الا اجراء التحاليل والإشاعات التى أثبتت خطورة الحالة وضرورة دخولها الرعاية المركزة وليس بالمستشفى مكان! ليتحول الجميع الى البحث واجراء الاتصالات من مجلس إدارة الأهرام ومركزها الطبى إلى مستشفى دار الفؤاد نفسه إلى ما أجراه كل أفراد العائلة من الاتصالات وطلب التوسط لنجد لها مكانا ولامكان إلا بعد توسط أحد معارفنا الأفاضل من هيئة سيادية لتنقل على الفور إلى مستشفى العجوزة لتقضى أسبوعها الأخير هناك دون أن نستطيع معرفة أي شىء عنها إلى أن جاء التليفون المشئوم معلنا وفاتها بعد أن كان يقال أن حالتها مستقرة وتتطلب رعاية ليومين أو ثلاثة تعود بعدها للمنزل لمواصلة العلاج!

ومع شكرى الجزيل لكل من تدخل وحاول معنا إنقاذ زوجتى الحبيبة أتساءل: أين الدولة الرقمية هنا وأين الشفافية وأين الأماكن الخالية التى يتحدثون عنها؟! لم يكن الأمر يحتاج فى حالة زوجتى وفى كل الحالات المشابهة وبلا تدخلات ووساطات إلا إلى اتصال بهيئة الاسعاف لتأتى سيارة مجهزة ومعها البيانات المحدثة يوميا من قبل وزارة الصحة بالأماكن التى يمكن نقل المريض إليها ويتم ذلك بيسر وبدون هذا الانهاك الذى زادنا مرضا على المرض !! هل فيما قلت أى غرابة فى ظل الحديث عن الدولة الرقمية والحكومة الالكترونية ؟ هل من الصعب أن يتم الربط بين هيئة الاسعاف الحكومية والمستشفيات المخصصة للعلاج والعزل حيث تحدث البيانات يوميا لدى هيئة الاسعاف فى كل انحاء مصر ويكون هناك الزام باستقبال أى مريض فى أى مستشفى عزل هى الأقرب له دون «خيار وفاقوس»!

أتمنى على السيد الرئيس أن تكون هذه أوامره لحكومتنا الرشيدة فى هذا الوقت العصيب الذي يمر به كل المصريين هذه الأيام لدرجة أنى لاأعرف بيتا لايعانى من الخوف والقلق بمداهمة هذا الفيروس اللعين. وكما تعلمون سيادة الرئيس لا يوجد أغلى من الانسان وحياته وبامكان مصر أن تكون أكثر قوة وأكثر اصرارا على مواجهة هذا التحدى القاتل بإعمال العقل واتخاذ إجراءات أكثر صرامة تماثل اجراءات العام الماضى وتحويل الحكومة الإلكترونية إلى واقع فى حياة الناس دون أن يذوقوا الأمرين ويتذللوا حتى يجدوا طريقا للعلاج. رحم الله زوجتى وكل شهداء كورونا اللعين وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.