رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

فى سالف الزمان توقع «المؤرخ الإغريقى ثيوسيديديز» حتمية نشوب حرب بيلوبونيسية بين أثينا واسبرطا بسبب غريزة التدافع البشرى بين القوة المسيطرة (Ruling Power) والقوة الصاعدة (Rising power) وقد استخدم المحدثون من أساطين العلوم السياسية أمثال جراهام أليسون مصطلح مصيدة ثيوسيديديز «Thucydides›s Trap» عندما تفشل كل المحاولات الحثيثة لتجنب الصراع العسكرى بسبب تضارب المصالح عندئذ يضحى التعايش مستحيلًا ويصبح خيار الحرب أمرًا حتميًا وهنالك 16 مواجهة تنافسية حدثت خلال الـ500 سنة الماضية، انتهت 12 حالة منها بصدام مسلح و4 حالات فقط بالتسليم والاستسلام لذا قال ثيوسيديديز إن القوى يفعل ما يشاء والضعيف يقاسى بقدر ما يفرض عليه من معاناة. 

وهذا ما تحسبت له المؤسسة الصلبة فى مصر منذ أحداث 2011 الدرامية التى كانت تدرك أن الهدف الخفى من ورائها هو فرض حصار خانق على الجائزة الكبرى بغية ترسيم الشرق الأوسط الجديد الذى سيفضى إلى واقع جيو سياسى كارثى يخرج العرب من المعادلة والتاريخ معًا ولأن قدر هذا البلد منذ القدم أن تكون على الموعد وتثبت أنها رقم صعب لا يمكن تجاوزه وهو ما تطلب بذل جهد فرعونى خارق على غرار بناة الأهرام يهدف أولًا لاستعادة التوازن بتثبيت أركان الدولة ثم هجوم خاطف لفك الحصار وامتلاك زمام المبادرة وهذا لم يتأتَ إلا بالحصول على كل أسباب القدرة الشاملة، حيث إن اقتناءها أمر يتجاوز فكرة حسابات التكلفة والمكاسب لذا تحركت الإدارة الحالية فى كل الملفات الضاغطة بالتوازى فلم تنشغل فقط ببناء القدرات العسكرية الجبارة لتعويض الفراغ الاستراتيجى الرهيب بعيد سقوط قوى عربية فى جب الفوضى وإنما أيضًا بتأمين الأمن الغذائى من زراعة وثروة سمكية وحيوانية وإعادة ترميم وبناء بنية تحتية قوية بإنشاء مدن حديثة من الجيل الرابع وربط مفاصل الدولة بشبكة طرق عملاقة وخطوط نقل متعددة وتوطين صناعات استراتيجية مهمة وتحقيق فائض طاقة سواء غاز أو بترول أو كهرباء وتنفيذ مشروع رقمنة متكامل للدولة وربط الشرق بالغرب والبحر الأحمر بالمتوسط.

المثير حقًا للإعجاب هو عدم التفات القيادة النابهة للانتقادات الفيسبوكية المتهافتة أو التنظير اللوذعى من خبراء المقاهى عن فقه الأولويات فالرؤية كانت واضحة ترتكز على أسس علمية للتنمية المستدامة التى لم تنبهر ببريق السياسات الشعبوية الزائف لأنها تدرك أن ثمة معركة فاصلة تلوح بوادرها فى الأفق وأن علينا الاستعداد لها بكل ما أوتينا من قوة ورباط الخيل حتى نفرض إيقاعنا المتزن وتكون لنا الكلمة العليا لذلك كلما تقدمت مصر خطوة فى ساحة المعركة الدائرة منذ عقد تنظم خطوطها الدفاعية وتبنى تحصيناتها المنيعة ثم تتقدم مرة أخرى وهى موقنة بصعوبة اختراقها من جديد ولهذا نسجت بمهارة شبكة عنكبوتية معقدة من المصالح الحيوية مع طيف واسع من القوى الفاعلة فى هذا العالم المتغير فأنشأت منتدى غاز شرق المتوسط لتكون مركز الطاقة الرئيسى لأوروبا وأقامت أيضًا شبكة ربط كهربائى مع الخليج وجنوب أوروبا واستعادة أفريقيا بدبلوماسية المساعدات وتنشيط العلاقات التجارية وصارت حجر الزاوية فى طريق الحرير الصينى وهى حاليًا الضامن الحقيقى على الأرض لأمن واستقرار المنطقة المضطربة وخير مثال ترسيم الخطوط الحمراء للأزمة الليبية وهى حائط الصد الشاهق لموجات الهجر ةغير الشرعية. 

لاشك أن امتلاك القدرة يشد من أزرك ويقوى قلبك ويعضد من عزمك ويجعل إرادتك حرة وقرارك مستقل. 

لذا تبدو فكرة المساس بالأمن المائى لدولة قوية ومحورية أمر لا يمكن قبوله ولسوف يؤثر على استقرار المنطقة بأسرها بشكل لا يتخيله أحد وسيكون رد فعلها مزلزلًا للجميع بلا أدنى مبالغة لأن لا أحد أصبح بمنأى عن قدراتها وذراعها الطويلة وهذه رسالة مسجلة بعلم الوصول إلى كل من يهمه الأمر، فقد كتب الملك توت على قناعه الذهبى «القوة تفتح أجنحتها لمن يستحقها والموت يفرد جناحيه لكل جبان.