رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

على فكرة

يتساءل الكاتب الصحفى وائل لطفى فى كتابه «دعاة عصر السادات «الصادر مؤخرا عن دار العين ، ماذا كان يمكن ،أن يصبح  شكل الحياة فى مصر ، لو لم يتخذ الرئيس السادات قراره بإعادة إحياء جماعة الإخوان ؟ ولأنه كباحث يعرف ،أن التاريخ لا ينطوى على حرف» لو «بل هو تسجيل لما جرى ، ثم  هو القراءات المتعددة المناهج  لذلك الذى جرى . لهذا يقدم الكتاب  اجابة عكسية عن تساؤله. فهو  يرصد النتائج  السياسية والاجتماعية ،التى ترتبت على الصفقة التى عقدها السادات  مع الإخوان ،وعلى دعم الدولة المالى والمعنوى ، فى عهده للجماعات الدينية ، لترسيخ دعائم حكمه ، فى مواجهة معارضيه فى الجامعات ،ولحسم صراعه، مع مراكز القوى ، التى نازعته على السلطة ورفضت سياساته. وكان من أفدح النتائج ليس فقط  أن يدفع السادات حياته ثمنا ، لنقض الإخوان عهودها معه، بل أيضا الأثمان الغالية التى لايزال المجتمع المصرى يعانى من ويلاتها حتى اليوم! 

انفتح المجال العام على مصرعيه للشيوخ المقمين و للعائدين من السعودية ، ممن رحلوا إليها بعد الصدام مع الرئيس عبد الناصر. وبدأ عصر الشيخ الشعراوى ، بجانب من شكلوا معه ملامحه . من محمد الغزالى إلى سيد سابق ، ومن الشيخ كشك إلى الشيخ المحلاوى ، ومن شيخ الأزهر عبد الحليم محمود إلى إبراهيم عزت معلم أجيال من الإرهابيين ، ممن اعتلوا أكتاف دولة السادات وحظوا بدعمها ، بعدما أعلن فور توليه الحكم بأنه رئيس مؤمن لدولة مسلمة ، وأنه بصدد بناء دولة العلم والإيمان ، متبنيا ضمنا ، رؤية التيار الدينى ،الذى لم يكن يكف عن وصم النظام الناصرى ،وكل من يخالفه فى الرأى ،بالكفر !  

وكان من الطبيعى أن تشكل الهجمة الوهابية المدعومة باموال النفط  ، ومساندة السادات  ،جماعات ضغط ، على السلطة لتوجيه سياساتها نحو إقامة الدولة الإسلامية ، وعلى المجتمع ، لإعادة تشكيله وتغيير هويته، المحبة للحياة والمتسمة عبر امتداد العصور، بالتدين الوسطى الفطرى، وبروح المسئولية والمواطنة ، دون حاجة  لوسطاء . 

على الفور  تم إغراق المجال العام بسلوكيات التدين الشكلى، فاطلقت اللحى ، وانتشر الحجاب ، وشاهدنا الجلالايب والأسلحة البيضاء تغزو  الجامعات بدعم هؤلاء الشيوخ .وانتشرت كاسيتات الدعوة والفتاوى ، بعدما فتح التليفزيون أبوابه للشيخ الشعراوى  ، وصارت  المساجد ساحة  للدعاة ، واقيمت معسكرات لتدريب الكوادر الدينية فى كل مكان دون أية رقابة حكومية .ولعبت رحلات الحج والعمرة  المجانية التى كانت توفرها السعودية لأعضاء تلك الجماعات دورا مركزيا فى نشر التوجهات الوهابية المتشددة  .فى نفس الوقت الذى تولى  قادة الإخوان إدارة وزارة الأوقاف ،من قبل أن يغدو  الشيخ الشعراوى وزيرها .وتوسع  شيخ الأزهر فى إنشاء المعاهد الأزهرية ، التى أعدت جيوشا من المتطرفين فى مجال الدعوة .وساد مناخ العداء للمرأة ،والدعوات للفصل بينها بين الرجل فى المجال العام ، وانتشرت البنوك الإسلامية ،وظاهرة توظيف الأموال التى خربت الاقتصاد المصرى  .وسادت المجتمع روح محافظة فى النظر للثقافة والعلم والفنون والآداب ، وقضايا نقل الأعضاء والأحوال الشخصية وانتشرت الخرافة وتهيأ المجتمع  بهمة هؤلاء ، للفتن الطائفية ، وبالعداء للمسيحيين والمختلفين دينيا وفكريا . 

تلك هى دولة العلم والإيمان التى شيدها السادات ، ورصدها بدقة ووعى كتاب وائل لطفى ،الذى أزال برصده الشيق والممتع فكرتين مراوغتين ،تم الترويج لهما . 

الأولى أن هناك متطرفين ومعتدلين فى الحركة الإسلامية . وقد أثبت المؤلف من واقع كتابات تلك الجماعات  وممارستها ،أن العنف مكون رئيسى لها ، والفرق بينها يكمن فقط فى توقيت استخدامه ،.أما الفكرة الثانية المرتبطة بالسابقة ،أن جماعة الإخوان  لم تعرف الاعتدال أبدا عبر تاريخها، وأن من ادعى الخروج منها تنظيميا ،كان يروج لافكارها  التى تسعى لبناء دولة دينية ، وأن جماعات العنف والإرهاب قد خرجت جميعها من قلب الجماعة .وكان إزالة الالتباس عن هاتين الفكرتين ،كفيلا أن يمهد الطريق نحو ثورة 30 يونيو.