رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«نحو المستقبل»

تشهد مصر ويشهد معها كل العالم المتحضر اليوم حدثا فريدا واستثنائيا بكل معنى الكلمة حيث يخرج 22 ملكا وملكه من ملوك مصر القديمة فى عصر الدولة الحديثة الذى يمثل أزهى عصور الحضارة المصرية القديمة من مكمنهم الثانى الذى كنا قد ارتضيناه لهم فى المتحف المصرى بميدان التحرير إلى ما نتصور خطأ أنه مستقرهم الأخير فى متحف الحضارة المصرية الجديد فى الفسطاط.

وأقول «خطأ» لأن هؤلاء الملوك وغيرهم من ملوك مصر القديمة قد قرروا منذ فجر التاريخ الانسانى أن يتجاوزوا بأرواحهم وأجسادهم الزمن ويعبروا العصور والأزمنه ليبرهنوا لكل من أتى وسيأتى بعدهم أنهم قادرون على قهر الزمن وتحدى الموت والتواجد معنا ليس فقط بتاريخهم وانجازاتهم العبقرية وانما أيضا بأجسادهم وأرواحهم ليشهدوا مع أحفادهم عصرا بعد آخر آخر ما وصل إليه هؤلاء الأحفاد، وليبثوا فى هؤلاء الأحفاد الثقة بأنهم بما أنهم أبناء هؤلاء الأجداد العظام يستطيعون إعادة البناء واعادة الأمجاد وصنع التقدم وقيادة الانسانية كلها إلى الأبد بالتمسك بالأهداف الكبرى للانسانية التى وضع أساسها هؤلاء الأجداد وهى أن الانسان خلق ليكون كائنا أخلاقيا، كائنا متحضرا بعلمه وعمله، كائنا يصنع العمران وينشر السلام والأمان فى ربوع الأرض وبين كل كائناتها.

إنهم كانوا كذلك وينبغى أن يكون كل المصريين وكل البشر بما يملكون من عقول حكيمة وقلوب تنبض بالحب كذلك. لقد بنى هؤلاء الملوك تاريخهم ومستقبلهم الملكى الخالد بتلك العقيدة وهم بخروجهم وتجليهم المستمر عبر الزمن لايزالون قادرين على أن يلهمونا ذلك!! ولكم يندهش البشر عبر التاريخ حينما يقرأون عبارات كتاب المصريين القدماء المقدس الذى أطلق عليه خطأ أيضا كتاب الموتى والحقيقة أنه كتاب «الخروج فى النهار».

ولعلنا ندرك فى هذا اليوم ومع هذا الحدث الذى يشهده اليوم العالم أجمع أنهم بالفعل ودائما يخرجون إلينا فى النهار مبرهنين على أن صانع التاريخ والحضارة الحقيقى لا يموت وانما يظل موجودا واسمه يظل محفورا فى الأذهان وتردده الألسنة وبجميع اللغات وفى مختلف العصور، وكل ما هنالك أن ملوك مصر وقادة حضارتها القدامى تميزوا وسيظل تميزهم مدى الدهر بأنهم قد قهروا الموت الجسدى وظلوا معنا بأجسادهم يتجلون لنا كل فترة ومنذ أن اكتشفت مومياواتهم وعرفنا أسرار كتاباتهم، يتجلون علينا قاهرين ظلام وعتمة القبور خارجين إلينا فى وضح النهار مبرهنين على مجد الانسان المصرى وعبقريته الحضارية وليقولوا لنا ولكل البشر: أنهم هم من صنعوا الحضارة الانسانية، هم من أبدعوا العلوم – كل العلوم، هم من أبدعوا الأسس الحضارية الأولى لانسانية الانسان : الأخلاق والضمير – البناء والتعمير- المدنية والمجتمع السياسيى – العدالة كأساس للملك. إنهم يخرجون علينا فى لحظات مقدورة من الزمان ليقولوا لنا أنهم كانو ملوكا عادلين فأحبهم قومهم لدرجة التقديس فكان أن اخترع لهم علماء عصرهم المقابر الملكية وبنوا لهم «الأهرام» وأبدعوا علم التحنيط للحفاظ على أجسادهم لعل نفوسهم وأرواحهم تتعرف عليهم فى عالم البقاء وليس كما يقول البعض خطأ عالم الفناء.

لقد آمنوا بالخلود كعقيدة ثابتة للمصير الإنسانى وحاولوا قدر طاقتهم البرهنة على ذلك بنظرياتهم الفلسفية وبعلومهم التطبيقية فكان لهم ما أردوا، كان لهم الخلود حقا. إن هؤلاء الملوك بخروجهم الثالث إلى النهار فى موكبهم الملكى المهيب يقولون لنا وللعالم أنهم باقون وأنهم قادرون دوما على ابهار العالم واجباره على احترامهم والاحتفاء بهم فى كل محفل أو متحف يتواجدون فيه والوقوف أمامهم بكل تبجيل وتعظيم لأنهم استحقوا ذلك: حكموا بالعدل «الماعت»، حافظوا على الوطن وحدوده، أحبوا شعبهم فبادلهم حبا بحب.

إن الموكب الملكى المهيب الذى نشهده اليوم سيشهد مثله الأبناء والأحفاد على مر التاريخ، فملوك مصر القديمة سيظلون رمزًا للإنجاز وللعطاء، رمزا للاستقرار والخلود، رمزا يحكى عبر الأجيال أن هذه البلد هى مهد التاريخ وصانعة الحضارة. وليس غريبا على أبنائها اليوم أن يعودوا إلى الريادة وأن يعيدوا بناء تاريخهم العظيم ويصنعوا عصرا جديدا من التحضر والبناء ربما لم تشهده مصر منذ تاريخها القديم فى أيام هؤلاء الملوك العظام. تحية احترام واجلال لهذا الموكب الملكى المهيب وتحية اجلال وتقدير للمصريين قيادة وشعبا اليوم فهم على طريق صنع المجد الجديد سائرون رغم أنف الحاقدين ورغم كل التحديات والمعوقات التى يحاول بعض الصغار والكبار وضعها فى الطريق !!