رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

على فكرة

يكشف الكتاب الجديد للكاتب الصحفى «وائل لطفى» الصادر  مؤخرا عن  دار العين بعنوان «دعاة عصر السادات» المناخات الرسمية والمجتمعية التى ساهمت فى صناعة ظواهر التشدد الدينى فى مصر. ويرصد الكتاب العوامل التى جعلت من هزيمة يونيو 1967 مدخلا لتصاعد تلك الظواهر، بعدما تعالت أصوات رجال الدين ممن كان معظمهم من ذوى العلاقات الوثيقة بجماعة الإخوان، لتعابث المشاعر الدينية الفطرية للمصريين، بإقناعهم أن الهزيمة حدثت لابتعاد الدولة عن الدين.

يكتسب الكتاب أهميته من أن مؤلفه يبحث تلك الظاهرة من قلبها. فقد عرف تلك الجماعات المتشددة عن قرب ومن داخلها، حينما اقترب فى صباه أثناء دراسته فى المرحلة الإعدادية من جماعة التبليغ والدعوة. وقادته مصادفة من مصادفات الحياة التى تغير مصير البشر، للابتعاد عن تلك الجماعة، بعد شهر من التعرف عليها. فقد استمع لمحاضرة لأحمد بهاء الدين، فأدرك بفطرته السليمة خطورة الأفكار التخريبية التى كانت تبشر بها تلك الجماعة، فغادرها دون رجعة. 

ويقدم المؤلف فى سلاسة فى السرد والتدليل ووفرة فى المعلومات، الفكرة الرئيسية التى ينطوى عليها الكتاب، وهى أن كل الدعاة الذين بنوا شهرتهم فى عهد السادات، كانوا أعضاء فى جماعة الإخوان، وبقوا مخلصين لأفكارها ويروجون لها، حتى بعد انشقاقهم عنها. فضلا عن الجماعات الإرهابية التى تناسلت من رحمها. 

قبل عقدين من الزمان، كشف «على عشماوى»، مؤسس تنظيم الإخوان الذى تولى قيادته فيما بعد سيد قطب، وتمت تصفيته عام 1965 ، فى مذكراته التى نشرها آنذاك فى مجلة المصور،عن بنود الاتفاق الذى تم فى عام 1974 بين الرئيس السادات وبين جماعة الإخوان. وبمقتضى هذا الاتفاق تم الإفراج، عن المحكوم عيهم من قادة وأعضاء الجماعة، بتهمة محاولة قلب نظام الحكم. وطبقا لما أذاعته المذكرات فإن عشماوى كان صاحب فكرة توقيع ذلك الاتفاق، وأنه عرض الفكرة على اللواء «فؤاد علام «مسئول الإخوان بمباحث أمن الدولة آنذاك، فأبدى استعداده لمناقشتها، بشرط أن يعلن الإخوان تأييدهم للرئيس السادات.

فى هذا السياق استجابت الدولة لاقتراح عشماوى، بنقل عدد كبير من قيادات الجماعة من سجن الواحات إلى سجن مزرعة طرة، لتهيئة المناخ لنجاح المفاوضات. وكان اللواء صلاح شادى الضابط السابق فى الشرطة، وأحد قيادات الجماعة، هو من يقود باسمها المفاوضات من داخل السجن. لكن الصيغة النهائية للاتفاق تمت مع المرشد العام آنذاك «عمر التلمسانى «بعد أن تم الإفراج عنه. وانتهى الاتفاق إلى ستة مبادئ، تلتزم إدارة الرئيس السادات بثلاثة منها، وتلتزم جماعة الإخوان بالثلاثة الأخرى. 

وفى الاتفاق، التزمت الدولة بالإفراج عن الإخوان، والعفو عن بقية العقوبات المحكوم بها على قيادتها فى قضية 1965، وإسقاط القضية، وعودتهم إلى وظائفهم، وعدم التعرض لهم فى نشر الدعوة، والسماح لهم بالخطابة فى المساجد. 

وفى مقابل ذلك التزم الإخوان بشروط نبذ العنف، وعدم محاربة الحكومة، وعدم رفع السلاح فى وجه الدولة. ووقع جميع الإخوان فى السجون، على محضر ينطوى على موافقة عامة على بنود ذلك الاتفاق، والتزامهم جميعا بشروطه. 

وفى ظل ذلك الاتفاق، سادت هدنة طويلة بين جماعة الإخوان وبين الرئيس السادات، الذى التزم بالاتفاق بشكل عرفى، وسمح لهم بالنشاط دون إذن قانونى. فأصدروا مجلتهم الدعوة، ودافع السادات عنهم فى أكثر من مناسبة، كان أهمها تبرئتهم من المشاركة فى فى مظاهرات 18 و19 يناير 1977، رغم شيوع الاعتقاد، بأن عناصر من الجماعة، كانت وراء الحرائق التى شبت آنذاك، فى الملاهى الليلية فى شارع الهرم. 

فى ظل هذا المناخ، يبدأ وائل لطفى تتبع نشأة وصعود الدعاة الجدد فى عهد السادات، وهو ما سأعود إليه فى المقال القادم.