رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

«فقدت مصر رجل دولة من طراز فريد، هو الدكتور كمال الجنزورى رئيس وزراء مصر الأسبق. كان الراحل بارًا بمصر، وفيًا لترابها وأهلها، وصاحب يدٍ بيضاء فى شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية، وكانت له مكانته العلمية، ورؤيته الحكيمة، وقدراته القيادية المتميزة والناجحة، فضلًا عن أخلاقه الرفيعة العالية، وتفانيه وصدقه وإخلاصه فى مراحل مصيرية وحاسمة من تاريخ هذا الوطن».

«رحم الله الفقيد الغالى، وخالص عزائى لأسرته وأهله، داعيًا المولى عز وجل أن يلهمهم الصبر والسلوان».

صاحب واجب، أتحدث عن كبيرنا الرئيس عبدالفتاح السيسى، وما سجله من كلمات طيبات ( أَعَلَاه ) فى وداع طيب الذكر الدكتور كمال الجنزورى، نعى دولة لرجل دولة، نعى يليق بعظمة مصر، وطن يودع المخلصين من أبنائه خير وداع.

«يحصل الموتى على الزهور أكثر من الأحياء»..

من «مذكرات فتاة صغيرة» للألمانية «آنيليس مارى آن فرانك».

ويحصل طيب الذكر الدكتور كمال الجنزورى رئيس وزراء مصر التاريخى على نصيبه من الزهور اليانعة، تزينها وردة بلدى، رائحتها عبقة، رائحة الورد البلدى، لأنه حتى آخر نفس من حياته كان فى خدمة بلد عظيم اسمه مصر.

بالدمع جودى يا عين على من فاضت عينيه بالدمع خوفا على مصر، بكى الجنزورى على الهواء مباشرة فى ديسمبر ٢٠١١ وهو يمسك دفة السفينة التى تضربها الأعاصير السياسية، ويشاهد مواطنا مصريا يصرخ على الهواء، طالبا الأمن قبل الخبز.

دموع الجنزورى وهو رجل رصين ما طفرت إلا لجزع شديد، قلبه واجف على مصر التى أخلص فى حبها إخلاصا ملك عليه حياته، ولم يفرغ من حبها حتى خروج النفس الاخير.

كان فى حبها مثل ناسك، راهب فى قلايته البسيطة لا يرى سواها، ولا يغتبط إلا بمقدمها وثغرها باسم، وكما تغنى طيب الذكر عبدالحليم حافظ بكلمات الخال عبد الرحمن الأبنودي:

«واحنا بلدنا ليل نهار

بتحب موال النهار

لما يعدى فى الدروب

ويغنى قدّام كل دار».

<>

ما لا يعرفه الطيبون ان الجنزورى ظل يعمل فى دولاب الحكومة المصرية داخل وخارج الحكم، ومكتبه فى وزارة الاستثمار شاهد على الدوام، خدوم لتراب هذا الوطن، ولم يتوقف عن اسهاماته على كونه فى منصب أو خارجه، وظل يقدم استشاراته وخدماته دون مقابل سوى ما يخلفه عليه من رضا نفسى، الجنزورى ما كان يرضيه سوى محبة الناس فى الشارع، وإذا لقيهم مقبلين عليه يبش مسرورا.

نموذج ومثال لرجل الدولة الذى لا يعرف سوى طريق واحد فى اتجاه واحد، هو رفعة الدولة المصرية، وفى تتالى وزاراته، وجلها فى سياق أزمات طاحنة كان يملك مفاتيح «الحلحلة» والحل، عالم ببواطن دولابها، وكيف يحرك دواليبها المتعطلة، وكيف يبعث الحراك فى أوصالها ومحركاتها، الجنزورى كان يحمل نسخة من مفتاح الباب الكبير، باب مصر العالى، لا يدخله إلا المحبون لتراب هذا الوطن.

رحمة الله عليه، كان صارما مع قلب كبير، وحاسما مع تربيت خفيف، نادرا ما تعلو الابتسامة وجهه، ويخفى ألمه عن المحبين، ويتواصل مع المخلصين، ولا يدخر نصيحة ينتفع بها، من خبراء الاقتصاد الوطنى وعلى أرضية وطنية لا ترهن مستقبل الوطن لإملاءات أو ضغوطات، كان صاحب قرار وهذا ما لم يعجب البعض، وما كان لا يأبه بهم، وشعاره الأثير «ولن أَكْسِب شَيئًا إذا خَسِرتُ نَفْسى».

<>

يوم إن أجلسنى فى مكتبه طالبا منى مطالعة مذكراته قبل النشر، سألته لماذا.. قال ليطمئن قلبى اننى اوفيت كل ذى حق حقه، كان حقانيا، وصاحب موقف، ولا يبيت على عتاب يستتبعه نقد، كان مفطورا على حساب نفسه قبل ان يحاسبه التاريخ.

لم اسمع صوته حزينا إلا يوم شائعة موته، ويومها قال مستعجلين على ايه، لكل اجل كتاب، وكل نفس ذائقة الموت، طيبت خاطره ما استطعت، وكتبت محبا عنه، فمنحنى محبة إضافية طرت بها فرحا.

لا اذيع سرا، كنت مع مقدم الأعياد أنتظر مكالمته الرقيقة، عادة فى صباح العيد بعد الصلاة، كنت افتتح العيد سعيد بإطلالة الدكتور الجنزورى الصباحية، سبحانه وتعالى ومع مقدم الاعياد سأفتقد هذه التهنئة الحانية ممن اعتبرته ابا روحيا واعتبرنى من بين أبنائه.. الله يرحمك يا من كنت فى منزلة عمى الذى لم تلده جدتى الطيبة.. ويبشبش الطوبة اللى تحت دماغك.. يا كبير المنوفية.