رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

أسرتنى دائماً شخصية هؤلاء الذين ينتمون الى عائلات ثرية ممن يوصفون بأولاد الأصول من ذوى المكانة  الاجتماعية الراقية والمرموقة، الذين لا يكتفون بالتمتع بحياة الدعة ورغد العيش، بل يطوقون الى شيء خارج ذاتهم، تلبية لنداء الواجب العام، الذى قد يحرمهم من حياة السكينة والهدوء وقد يفقدهم حريتهم، فى بعض الأحيان دفاعا عما يعتقدون أنه الصواب، الذى يعلى من المصالح العامة، حتى لو تعارضت مع مصالح خاصة «عرفت من بين هؤلاء المفكر السياسي» محمد سيد أحمد والمناضل الحقوقي «أحمد نبيل الهلالي» والمفكر الاقتصادى النابغة «إسماعيل صبرى عبدالله» وغيرهم ممن لا تسعفنى الذاكرة بسرد أسمائهم من بين هؤلاء الكاتب الصحفى والمسرحى وأحد صانعى العمل الثقافى «محمد سلماوي» الذى يكشف كتابه الأخير الصادر عن الهيئة العامة للكتاب تحت عنوان «العفريتة» عن موهبته فى الكتابة الساخرة التى تعض ولا تجرح وتفسر الأشياء بابراز التناقض الذى ينطوى عليها تطبيقا لبيت الشعر القائل: ضدان لما استجمعا حسنا.

والضد يظهر منه الضد ولعل اختيار سلماوي!! لعنوان كتابه يؤكد ذلك المعني، فالعفريتة هى ما كانت عليه طريقة التصوير القديمة، التى تظهر فيها الألوان معكوسة حيث يبدو الأسود أبيض والعكس، لكنها حين تطبع تبدو فى شكلها  الصحيح.

ومع أن «محمد سلماوي» يعرف أكثر من لغة أجنبية بطلاقة، أسس باحداها صحيفة «الأهرام إبدو» ودرس بالثانية فى الجامعة قبل أن يترك الحقل الأكاديمى للعمل بالصحافة والإبداع، فكتابه يحمل سخرية لاذعة ممن لا يخلو حديثهم بالعربية من كلمات باللغة الانجليزية. من موظف خدمة العملاء فى احدى شركات المحمول، التى باتت تعانى من أسعار خدماتها، وتخلط بين الفواتير المسددة الأخرى المنتظرة السداد، والذى يخاطب العميل «بمستر فلان» ولطعه على التليفون للبحث عن أسباب الشكوي، ووعده الذى لا يتحقق بحلها خلال 48 ساعة إلى الضيفة فى برنامج تليفزيونى التى تعطى دروسا فى محبة النباتات، «ولا تتوقف عن قول كلمة بالعربية وسبع كلمات بالانجليزية لا تفهم منها ما تعنيه، اللهم إذا كانت «الفشخرة» هى الهدف المنشود، التى يتعين على مقدمى البرامج التصدى لوقفها.

يتوقف الكتاب فى عدد من موضوعاته عند ظاهرة التدين الشكلي، والمتاجرة بالدين، والاختلالات الاجتماعية التى ترتبت عن بحث كل مواطن فى أنحاء الأمة، عن فتوى لما يقوم به فى حياته اليومية، والدجل بالزج بالدين فى أمور لا علاقة له بها فضلا عن الخزغبلات الدينية التى تروج لها المناهج الدراسية فى المعاهد الأزهرية والتى يفترض ان تؤهل خطباء المساجد والدعاة. وكان من الطبيعى والحال هكذا، أن تصعد جماعة الإخوان بقوة فى القضاء السياسى وأن تحصد أكثر من 80 مقعدا فى البرلمان، قبل أن تسطو بفضل ذلك على الحكم، بما يحق للمؤلف أن يسخر من وصف الإعلام الرسمى لها بالمحظورة، وهى ملء السمع والبصر، فى القصة القصيرة البليغة، التى تحمل عنوان «الجماعة المحصورة» ـ بالصاد ـ لبطليها الست تفيدة وزوجها الحاج حسين.

يجمع الكتاب معظم مقالات «محمد سلماوي» التى نشرها فى صحيفة المصرى اليوم وكنت أتمنى ان يشمل الكتاب تواريخ نشرها، لكى تبرز العلاقة المهمة بين التوقيت والقضية المطروحة، وتبين مدى جسارة ذلك الطرح لكن ذلك لا يقلل من حداثة وعصرية الكتاب، الذى انطوى على هموم «محمد سلماوي» العروبية والقومية والوطنية والاجتماعية والثقافية.  وساقها بحصيلة معرفية عميقة مكنته من عرض قضاياه  بسلاسة فى اللغة، ومهارة فى الطرح، وجذابية فى خفة الظل والطرافة، تدفعك دفعا لقراءة الكتاب مرة واحدة لسبب بسيط أن كل من  يقرأه سوف يرى نفسه بين ثنايا الكتاب، وطرفا فى مشاكله وقضاياه.

< شكراً="" محمد="" سلماوى="" على="" البسمة="" التى="" منحها="" لنا="" كتابه="" العفريتة="" فى="" زمن="" الكورونا="">