عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

 

عبارة يقولها كل من أحب العراق، ولقد ترنم بها البابا فرنسيس بابا الفاتيكان فى ختام زيارته لأرض الرافدين الاثنين الماضى، وهى الزيارة التى كان لها صدى واسع ومردود رائع لا سيما مع الرسائل النورانية التى حملها قداسته لكل الأطياف والأديان فى العراق. الزيارة تاريخية لكونها الأولى التى يقوم بها رأس الكنيسة الكاثوليكية للعراق، وتأتى ضمن جهود البابا لدعم حوار الأديان. زار خلالها بغداد والنجف والموصل وذى قار ونينوى وإقليم كردستان ومدينة أور وهى مسقط رأس النبى إبراهيم أبوالأنبياء. لقد رأى العالم العراق من خلال البابا فرانسيس كدولة للتسامح ولحميمية الالتقاء الجامع لكل الأديان، ولهذا اعتبرت الزيارة تاريخية.

كان لوجود بابا الفاتيكان فى الساحات العراقية ردود فعل نثرت الأمن والأمان، وأشاعت روحًا إنسانية عبقة بعطر الحياة التى يسودها الاستقرار والتكاتف بين أبناء الشعب العراقى. لم يكن من المتصور أن يجلس البابا فى ساحة الكنيسة فى الموصل محاطًا بالأطفال والعائلات وهم يغنون الأغانى المسيحية احتفاء به ويلوحون بأغصان الزيتون. لقد تغيرت الصورة كلية اليوم، حيث كانت الموصل منذ 2014 معقلًا لتنظيم داعش الإرهابى وساحة للفظائع التى قامت عناصره بارتكابها ليسقط فيها آلاف المدنيين. يشهد على هذا أطلال العديد من الكنائس والمبانى التى دمرها التنظيم الآثم. واضطر عشرات الآلاف من المسيحيين إلى الهرب من جرائم التنظيم. أما من بقى منهم فخيروا بين دفع الجزية أو اعتناق الإسلام.

كانت رسالة بابا الفاتيكان واحدة فى كل المدن العراقية التى زارها، منطوقها الدعوة إلى التعايش السلمى والحقوق المتساوية للأقليات، وإلى ضرورة عودة الأطياف إلى التعايش معًا، وضرورة عودة المسيحيين إلى ديارهم بعد أن اضطروا إلى تركها فى الفترة الماضية فى أعقاب الغزو الأمريكى الآثم لأرض الرافدين فى 20 مارس 2003، ومن جراء العمليات الإجرامية لتنظيم داعش الإرهابى. وعلى إثر هاتين الكارثتين تراجع عدد السكان المسيحيين من مليون وأربعمائة ألف إلى مائتين وخمسين فقط بعد أن توجه الكثير منهم إلى الخارج هربًا من العنف الذى اجتاح البلاد الذى شرع التهديد سلاحًا ضد وجودهم. اليوم تغيرت الصورة وتبدل المشهد لا سيما مع زيارة الحبر الأعظم للعراق، وتفاؤل السكان المسيحيين مع ما طرأ من تغير جذرى فى المشهد بعد أن طفت على السطح دعوة البابا فرنسيس إلى نبذ الطائفية العرقية التى رسختها أمريكا منذ غزوها للعراق بهدف تفتيته وتقسيمه وما نجم عن هذا من اضطهاد للمسيحيين والتركمان والإيزيديين.

معزوفة جميلة صاغها بابا الفاتيكان فى زيارته المباركة الميمونة للعراق. معزوفة أدان خلالها التطرف باسم الدين قائلًا: (العداوة والتطرف والعنف أمور لا تنبت فى قلب متدين، إنها نواقض الدين). ونطق قداسته بالحكمة عندما قال:(نؤكد مرة أخرى إيماننا بأن الإخاء أكثر ديمومة من الاقتتال، والأمل أقوى من الحقد، والسلام أقوى من الحرب). لقد جاء بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى أرض الرافدين وهو يحمل رسالة المصالحة ليؤكد خلالها حرية المعتقد واحترام هوية كل ديانة بعيدًا عن النعرات الطائفية. إنها فى الأساس دعوة ثرية لكى يتصالح العراق مع نفسه.