رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

على فكرة

لا حياة فى من تنادى، ليس هناك خطأ فى الجملة السابقة، فهى تحوير لبيت الشعر العربى القديم الذى يسخر من إضاعة الجهد مع من لا رجاء فيه فيقول: لقد أسمعت لو ناديت حياً، ولكن لا حياة لمن تنادى، ولو نار نفخت بها أضاءت، ولكن أنت تنفخ فى الرماد. والجملة وبيت الشعر ينطبقان تماماً على تحرك إدارة الرئيس الأمريكى بايدن لفتح أرشيف مخابراتها، لتستيف عرائض إدانة لمصر والسعودية ودولة الإمارات فى ملف حقوق الإنسان، ولا يخفى عن إدراك متابع فطن علاقة ذلك التحرك بتحريضات قوى الضغط، داخل الحزب الديمقراطى وخارجه، وجماعة الإخوان المتنفذة فى إدارته، والمؤسسات البحثية والحقوقية، التى تنعم بأموالها. 

قبل أيام رأيت فيلماً تسجليا عن السجون فى أمريكا، كشف أن الولايات المتحدة بالرغم من أنها دولة يمثابة قارة، لا تتسم بالكثافة السكانية العالية، حيث يبلغ عدد سكانها نحو 330 نسمة، فهى تمتلك أكبر عدد من السجون فى العالم، وأن بسجونها نحو ثلث النساء السجينات على المستوى الدولى، وأن ظروف السجناء المعيشية مزرية. ولا يملك سوى الأثرياءء فقط الفرص لتوكيل محامين لدفاع عن قضاياهم للارتفاع الهائل فى تكاليفها. والسلطات الفيدرالية تكيد للمواطنين، وتوقع بهم وتتهمهم بأبشع التهم، ومنها القتل لمجرد الشبهات، لكى ترفع عن كاهلها الاتهام بسوء البحث والتحرى وانعدام الكفاءة المهنية. وأن المحاكم تصدر أحكاماً قاسية لمجرد بؤس هيئة المتهم، وشكل ملابسه المتواضع، وطبعاً لونه. 

وما جرى فى سجن أبوغريب ولا يزال يجرى فى معتقل جوانتانامو، ليس بعيداً عن السجل المخزى لحقوق الإنسان فى الولايات المتحدة الأمريكية فى معظم إداراتها، لا فارق فى ذلك بين الجمهوريين والديمقراطيين. 

وصرعة حقوق الإنسان التى انتابت الرئيس الديمقراطى، ودفعته للإفراج عن تقرير مخابراتى عن مقتل خاشقجى، يحفل بالاتهامات المبهمة لولى عهد المملكة السعودية الأمير محمد بن سلمان، ولا يقدم أدلة على ثبوتها، تجاهلت وهو يوقع على قرارات إلغاء أوامر سلفه ترامب وقراراته، وعده الانتخابى بإغلاق معتقل جوانتانامو، كما تغاضت عن الغزو الاستعمارى للعراق بمزاعم امتلاكه لسلاح نووى وأكاذيب ومصالح شركات رجال السلطة، كما كشف ذلك بوضوح الفيلم الأمريكى «نائب» عن ديك شينى نائب الرئيس الأسبق بوش الابن. 

أما ما نتج عن الغزو من تحطيم جيش العراق ومؤسساته وسرقة نفطه وآثاره ومقتل نحو نصف مليون من مواطنيه، وهجرة عدة ملايين من سكانه، وإشعال حرب طائفية ومذهبية بعد تمدد داعش وتعزز النفوذ الإيرانى به، فليس من حقوق الإنسان، بل من حقوق قوة استعمارية غاشمة، لم تعد قادرة على التمادى فى التجاوز، مع تغير موازين القوى الدولية، وصعود قوى دولية منافسة مثل الصين. 

«صرعة» بايدن الحقوقية، لا علاقة لها بالمبادئ السامية لحقوق الإنسان، التى أرستها المواثيق الدولية، حين أكدت أنه لا يحق لأية دولة، أن تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر، ولأى سبب كان، فى الشئون الداخلية والخارجية لأية دولة أخرى، بل هى جزء من معركة داخلية، لا أفق لانتهائها، لتصفية حسابات الديمقراطيين مع إدارة ترامب، ومنعه من إعادة ترشيح نفسه. وهى صرعة تحشد ضد ولى العهد السعودى، بينما يقود ثورة إصلاحية لتحديث المملكة، وتطوير اقتصادها تماشياً مع مرحلة ما بعد نضوب النفط، وبينما دولة الإمارات العربية يحط مسبارها «الأمل» على كوكب المريخ، لتوظف المعرفة والتكنولوجيا والعلم لخدمة تقدمها الاقتصادى. 

أما مصر فقد استوعبت شعباً وجيشاً ودولة، دروس الفوضى الخلاقة التى عممتها واشنطن فى العراق وسوريا واليمن وليبيا وأفغانستان، ولم تعد أمامها فرص مهيئة لجر مصر إلى مشروعها التخريبى المدمر للهيمنة والاستغلال، فالعالم بات مفتوحاً أمامنا للبحث عن المصالح وتعدد التحالفات بما يحفظ الإرادة المستقلة. 

 وعلى إدارة بايدن أن ترينا الشطارة فى الخروج من أزمات بلاده، المهددة بحرب أهلية، بدلاً من مواصلة الدجل باسم حقوق الإنسان !