رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

على فكرة

قبل أكثر من عشرين عاما ، قامت الدنيا ولم تقعد، حينما عرضت الحكومة مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية  ، هو القانون 1 لسنة  2000.  وفى الحوار المجتمعى للقانون ، اختلط الحابل بالنابل ، ومن يعرف بمن لا يعرف ، والمختص بغير المختص والعليم بالجاهل  . وتكفل إعلام الصراخ و»الشرشحة «بإبقاء الحرائق مشتعلة ،ليكتشف متابعو الحوار ،أن المجتمع أكثر محافظة من حكومته ، وأن الحكومة تتقدم عنه بخطوات لافتة ، فى  موقفها من القضايا الاجتماعية . 

لم تكن  النقاط التى ثار حولها الخلاف الحاد بشأن ذلك القانون، ذى علاقة بالشريعة ، ولكن كانت  ناجمة عن فهم انتقائى لأحكامها ، يؤول النصوص لخدمة أهداف أنانية ضيقة ، تخدم إصرار بعض الرجال على فرض سيطرتهم على النساء ، وهو إصرار يتناقض مع العدل ، الذى هو أساس الشريعة وهدفها الأسمى . 

احتدمت المعركة  لأيام وأسابيع ، مع أن القانون كان إجرائيا بالأساس . فقد اختصر نحو 560مادة تنظم إجراءات التقاضى فى الأحوال الشخصية ،فى 81 مادة فقط .واستحدث محكمة الأسرة ، للنظر فى دعاوى الأحوال الشخصية المتعددة . وأقر الاستعانة بنظام الاخصائى الاجتماعى ،لإعداد تقارير المنازعة بين الزوجين .وألزم ذلك القانون الزوج بإخطار الزوجة بالطلاق ليحول بينه وبين إنكاره . فضلا عن أنه ألغى الأحكام الغيابية  فى الطلاق ، وسهل للمرأة تنفيذ حكم النفقة عبر منافذ بنك ناصر . وقيد حق الزوج فى منع زوجته من السفر، ليجعل الأصل هو حرية المرأة فى السفر .واستحدث القانون ،حق القاضى فى منع الزوج من السفر إذا أخل بواجباته العائلية ، وامتنع عن تسديد النفقة . 

أحيا ذلك القانون حقا منحته الشريعة للمرأة وهو تطليق نفسها بنظام الخلع ، وهو يتيح لها طلب الطلاق من القاضى ، فى مقابل أن تتنازل عن النفقة ومؤخر الصداق .ونظم القانون إجراءات الطلاق بالإشهار والتوثيق مثله مثل الزواج . واستحدث قبول دعوى التطليق من زواج عرفى ، للحد من ظاهرة انتشاره .  

وبعد أن قرأت قراءة أولية لمشروع قانون حكومة الدكتور مصطفى مدبولى الجديد للأحوال الشخصية ، شعرت بأن الخطوات القليلة التى خطاها  المجتمع  للأمام  فى القانون القديم ، تتراجع إلى الخلف  فى الجديد ،وأتمنى أن يكون ذلك مجرد انطباع خاطئ.، وأن الأمر  قد يحتاج إلى قراءة متمهلة تفحص نصوصه وتقارنها بغيرها . 

استوقفنى فى المشروع  الجديد ،أنه لايقيد تعدد الزوجات ،ولأن البحث عن حلول لقضايا الأحوال الشخصية خارج نطاق الشريعة ، هو أمر مستحيل،ولذلك فمن  المنطقى أن القانون التونسى الذى قيد هذا الحق ، وساوى بين المرأة والرجل  فى الإرث والطلاق ، قد استند إلى تفسيرات فقهية تستنطق روح الشريعة ومقاصدها . كما توقفت طويلا أمام المادة التى تنص على أنه لا يصح الزواج بمن لا تدين بدين سماوى ، والمادة الأخرى التى تشترط وليا ذكرا ليعقد للمرأة عقد زواجها ، ومنح الولى الذكر حق فسخ عقد زواجها لما يراه عدم التكافؤ بينهما، وحقه فى منعها من السفر ،دون منع سفر الرجل المخل بواجباته . ومعنى ذلك اسقاط حق المرأة فى اختيار زوجها ، والاقراربعدم أهليتها فى عقد قرانها . وتلك نصوص تتعارض مع نصوص الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ،الذى وقعت عليه مصر .ويقضى الإعلان بأن للرجل والمرأة ،متى أدركا سن البلوغ ، حق التزوج ، وتأسيس أسرة ، دون أى قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين .. وهما متساويان فى الحقوق لدى التزوج ، ولدى إنحلال الزواج . ويعقد الزواج برضا الطرفين ..رضاء كاملا لاإكراه فيه !  

تصويب النظرة القانونية للعلاقة الزوجية باعتبارها علاقة إنسانية راقية ، تضع الاسس المتكافئة  لاستقرارها  ،لضمان تنشئة صحية للأبناء ، تصون المجتمع من تشوهات النظرة الصراعية لتلك العلاقية  تقتضى سد الفجوة بين أحكام الشريعة ، وبين القانون الوضعى ، وعدم البحث فى النصوص ، سوى عن المصلحة .