رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لحظة فلسفة

تجدد السؤال مع هبوط المركبة «المثابرة»، التابعة لناسا، على سطح المريخ قبل أيام. المهمة الرئيسية للمركبة/الروبوت هى الحصول على معلومات عن صورٍ أولية للحياة على سطح الكوكب الأحمر. الحياة، فى صورتها التى نعرفها، لا يمكن أن تظهر سوى مع وجود الماء فى صورته السائلة. ليس هناك أثرٌ للماء حالياً على سطح المريخ، ولكن ربما تواجد الماء فى التاريخ البعيد للكوكب ثم تبخر بسبب تعرضه لما يُعرف بـ «الأشعة الشمسية». هذا ما ستكشف عنه مهمة «المثابرة» بالحفر فى باطن صخور المريخ، والحصول على عينات من التربة العميقة، توطئة لأن تعود بها مركبة أخرى إلى الأرض فى 2026.

لماذا هذا الموضوع مهم؟ لأننا، نحن البشر، نريد أن نعرف إن كنا وحدنا فى هذا الكون الأخير أم أن لنا جيراناً. لو عُثر على صورٍ لحياةٍ ظهرت من زمن بعيد على المريخ -حتى لو كانت أولية- فإن ذلك سيعنى أن ظهور الحياة ليس مقصوراً على الأرض وحدها. أن الصدفة قابلةٌ للتكرار -نظرياً- إن توفرت لها الظروف فى أماكن أخرى.

ما احتمالات العثور على الحياة خارج الأرض؟ نظرياً الاحتمالات كبيرة للغاية. هناك 2 تريليون مجرة مثل تلك التى نسكنها (درب التبانة)، وفى كل مجرة 100 مليار نجم فى المتوسط. غير أن الكشف عن حياة خارج مجرتنا سيحتاج إلى سفرٍ لمليارات السنوات الضوئية. معنى ذلك أنه حتى لو كانت هناك حياة فلن نعرفَ بها. يبقى الاحتمالُ محصوراً فى مجرتنا، وفيها 400 مليار نجم، من بينها 20 مليار مثل شمسنا، خُمس هذا العدد يدور حوله كواكب مثل الأرض (أى فى المنطقة القابلة لبزوغ الحياة). لو هناك احتمال للعثور على حياة على 0.1% فقط من هذه الكواكب، فيُفترض أن تكون هناك مليون حياة أخرى على درب التبانة وحدها!

لماذا لا نجد جيراننا مع وجود هذه الاحتمالات الكبيرة؟ العلماء طرحوا إجابات مختلفة على هذا السؤال. ربما كانت هناك حضاراتٌ أخرى، ولكنها بادت واختفت. لا تنسَ أن 99% من الكائنات التى عاشت على الأرض انقرضت بالفعل. ربما تصل هذه الحضارات البعيدة إلى نقطةٍ معينة -حتمية- ثم تُدمر ذاتها بذاتها. نحن نعرف هذا مما نعايشه اليوم على كوكبنا من استنفاذ متزايد لاستدامةِ الحضارة عبر استهلاك الطاقة، وغير ذلك من وسائل التدمير الذاتي. ربما ليست لدينا وسيلة اتصال مناسبة بعد للتواصل مع آخرين غيرنا. تصور مثلاً محاولة الاتصال بسمكةٍ أو فيل (وهى كائنات حية ولديها مستوى ما من الوعي).

الحقيقة أننا لا نعرف، وقد لا نعرف أبداً. أما الظن -ظن كاتب السطور- فيذهب إلى أن الظروف التى بزغت فيها الحياة على الأرض، قد تكون من الاستثنائية والغرابة والفرادة بما لا يجعلها قابلة للتكرار حتى مع مليارات الاحتمالات. نعم! أغلب الظن أننا وحدنا فى هذا الكون الفسيح. والله أعلى وأعلم.

[email protected]