عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

سعدت فى فترة من حياتى تعدت السنوات العشر بالتعرف والعمل مع عدد من أساطين وعلماء التربية والتعليم فى مصر ، وأذكر أن تلك العلاقة بدأت منذ أن كلفنى د. أحمد حمال الدين وزير التربية والتعليم وقت أن كنت رئيسا لقسم الفلسفة بآداب القاهرة ومشرفا على عمادة  كلية التربية بفرع جامعة القاهرة ببنى سويف بكتابة تقرير عن الكتب الفلسفية  المقررة على الثانوية العامة ، وآنئذ اكتشفت أن هذه الكتب لم تعد صالحة حيث أن بها الكثير من الأخطاء العلمية التى نتجت عن كثرة التعديلات التى أدخلت عليها فضلا عن أنها لاتشجع على التفكير الفلسفى وتنفر منه لأنها تركز على حشو عقول التلاميذ بمعلومات عن الفلاسفة ومذاهبهم فقط لاغير .

ومن هنا بدأت مسيرة طويلة تغيرت فيها تلك الكتب بعد أن أعددت مع فريق عمل من الزملاء  مشروعا ضخما لاعادة بناء هذه المقررات وفقا لأحدث صيحة فى عالم الفكر الفلسفى والمنطقى وهو الفلسفة التطبيقية والتفكير العلمى والناقد، وقد تطورت هذه المقررات بالفعل وأصبحت الفلسفة مقررة على الصفوف الثلاثة مع مايقابلها من مقررات التربية الوطنية . وقد كان للدكتور أحمد حجى الذى رحل عن دنيانا منذ أيام قليلة فضل كبير فى هذا المشوار الطويل،  فقد كان هو المكلف من الوزارة بقيادة مشروع إعادة هيكلة الثانوية العامة ومن ثم فقد استدعانى لأكمل ما بدأته فى ذلك التقرير  الشهير  ولأعيد بناء هذه المقررات وأضيف إليها مايمكن أن يكون مشروعًا مستقبليا لتدريس المواد الفلسفية المختلفة فى هذه المرحلة.

 ولكى يتم هذا العمل بالتوازى مع كل المقررات الأخرى فى المرحلة الثانوية بقسميها العلمى والأدبى أخذنا د. أحمد حجى فى معسكر عمل  مضنٍ ولاينسى فى مدينة فايد على شاطئ قناة السويس ، ولو لم يكن هذا المعسكر الضخم الذى ضم خيرة الأساتذة والخبراء فى كل التخصصات ماكان ممكنا أن يستكمل هذا المشروع فى وقت قياسى وليصبح فيما بعد هو خطة عمل الوزارة لتطوير هذه المرحلة حسب أحدث الاتجاهات العالمية، حيث أعدت بناء عليه وثائق هذه المناهج وألفت الكتب المقررة  لهذه المقررات .

وقد سعدت أيضا بمشاركة فريق من زملائي  الأكاديميين والتربويين  بالمشاركة فى تأليف هذه الكتب المقررة حتى الآن والتى يغبطنا عليها الكثير من خبراء الدول العربية وربما الأجنية . وعلى صعيد آخر فقد شاركت  ممثلا لكليات التربية بجامعة القاهرة  التى كانت تضم آنذاك معهد الدراسات التربوية وكليتين للتربية ببنى سويف والفيوم  تحت رئاسة د. حجى مع فريق عمل  آخر لإنجاز مشروع  تطوير كليات التربية فى مصر  ، هذا المشروع الذى غير وجه كليات التربية شكلا ومضمونا وكان المشروع الوحيد الذى اكتمل فى أسرع وقت وأضخم عمل من مشروعات وزارة التعليم العالي.

 وبالاضافة إلى ذلك وبالتوازى معه  فقد تم تأسيس وتأثيث عشر معامل متخصصة فى كل كليات التربية الـ27 فى مصر وفق أحدث المواصفات  العالمية . لقد تم هذا المشروع الضخم فى غضون عامين بذلت فيهما هذه اللجنة بقيادة هذا المايسترو الذى لايهدأ أحمد حجى  جهدا ضخما بكل أعضائه من عمداء لأهم كليات التربية فى هذا الوقت وأهم خبرائها.  لقد كان هذا الرجل كتيبة عمل وحده وأشهد له رحمه الله بأنه كان مثالا للقائد المحنك لفرق العمل ، واسع الصدر ، ديموقراطيا فى ادارة الحوار ماهرا فى الاستماع إلى الجميع والاستفادة من الجميع كل حسب تخصصه وقدرته على الاضافة والابداع ، وقبل ذلك وبعده مثالا للنزاهة  والشرف .

وقد شهد لنا وله الأجهزة الرقابية المعنية أنه قد أنفق ميزانية هذه المشروعات التى تولاها فى كل ماينفع ويضيف دون إهدار لأى قرش! إنه أحمد حجى ذلك النموذج المشرف للأستاذ الجامعى القدير وصاحب القدرات الإدارية الفذة الذى كان بحق جديرا بأن يتولى مسئولية وزارة التربية والتعليم فترة من حياته !  لكن التاريخ سيشهد له أنه هو الذى قاد بالفعل العمل الفعلى للتطوير والتحديث  لهذه الوزارة تحت رئاسة مجموعة من وزرائها المتتابعين .لقد كان مثالا للتفانى والاخلاص فى العمل أيا كان الموقع الذى شغله سواء فى أثناء عمله كعميد لكلية تربية حلوان أو فى رئاسته لهذه اللجان وغيرها . إنه من هؤلاء الرجال الذى عملوا فى صمت ودون ضجيج ودون أن تلاحقهم كاميرات التليفزيون  وميكروفونات الاذاعة ودون أن يحظوا بأضواء الشهرة الخلابة ، ومثل هؤلاء الرجال الذين يعملون فى مواقع وهيئات عديدة فى مصر هم بُناتها الحقيقيون وهم الجديرون بأن نشيد بانجازاتهم وأعمالهم أحياء كانوا أم رحلوا عن عالمنا الفانى تاركين السيرة الطيبة والعمل الصالح الذى ينفع الناس .  رحم الله أحمد حجى ونفع مصر بما ترك ..