رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

على فكرة

بعد عشر سنوات على تفجر ما عرف إعلاميًا بثورات الربيع العربى، ليس مهما السؤال الشائع الآن: هل كانت تلك الثورات مؤامرة أم ثورة شعبية تلقائية ؟ لأن لا أحد يستطيع أن ينكر بعد عقد على تلك الاحداث، إثر التدخل الخارجى فى التحركات الشعبية التلقائية، والعمل على توجيهها وجهة معينة، بعدما أكدته كتب أمريكية وغربية صدرت، وتسريبات تم الكشف عنها، ومذكرات لمسئولين ورؤساء أمريكيين، تتحدث عن شرق أوسط جديد، يكون على رأس حكوماته تيار الإسلام السياسى، التى تصفه بالاعتدال، وفى القلب منه جماعة الإخوان.

وربما يكون الأكثر جدوى، وقد ينطوى على إجابة لذلك السؤال، هو السعى لتأمل الدروس التى ترتبت عليها، واستخلاص نتائج من عقد مضى، تنير طريق المستقبل، أمام النخب السياسية، سواء كانت فى الحكم أو فى المعارضة. 

إحدى تلك النتائج، أن التدخلات الخارجية فى شئون البلاد، تنتعش، وتفتح لها الأبواب على مصراعيها، وتنجح استنادا إلى الأوضاع الداخلية الرخوة والهشة لتلك البلدان، التى يتفشى فيها الفساد، وتغيب عنها حريات الرأى والتعبير،ويُقصى فيها الاخرون بسبب أديانهم ومذاهبهم وعقائدهم الفكرية والسياسة والحزبية، وتتوارث الحكم فيه شلة من العائلة الواحدة والحزب الواحد والفكر الواحد. 

لم يكن العامل الخارجى هو المستفيد الأوحد من تلك الأوضاع، بل كافة تنظيمات الإسلام السياسى، التى تحالفت معها بعض تلك الأنظمة، لتهميش قوى المعارضة الديمقراطية القائمة فى الأحزاب المدنية التقليدية. 

وفى تلك الثورات نزلت السياسة من عليائها فى المكاتب والمراكز البحثية والندوات المغلقة،إلى الشوارع فى كل الميادين العربية، ولم تعد حكرا على النخب السياسية والثقافية والفكرية. ولأن المتظاهرين فى الشوارع كانوا يرفعون شعارات عامة عن الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، ويعرفون أنهم ضد الظلم والطغيان والاستبداد السياسى والاجتماعى، لكنهم لم يكونوا يملكون برامج واضحة وموحدة الكلمة والقيادة، والموقف لتطبيق ما لا يريدون، وهو الوضع الذى استفادت منه جماعة الإخوان وأنصارها من تيار الإسلام السياسى فى كل بلدان الربيع العربى دون استثناء، فقفزت على تلك الثورات واحتكرت ثمارها. 

 و منذ سقوط جماعة الإخوان المدوى فى مصر، لا تزال تونس تقاوم على امتداد عقد كامل رغبة حركة النهضة الإخوانية فى الاستحواذ والهيمنة، وتتمثل فى حالة الإرباك الدائم، للمشهد التونسى بالاغتيالات والتفجيرات ودعم المطالب التعجيزية للتحركات الشعبية الغاضبة، من تدهور الأوضاع المعيشية التى ساهمت الحركة فى صنعها. لكن نظراء الجماعة وأنصارها فى ليبيا واليمن وسوريا والعراق وحتى لبنان، تمكنوا عبر الحرب الأهلية، من هدم مقومات الدولة الوطنية، سعيا لتفكيكها، وهو ما يجرى الآن على قدم وساق. وكان من الطبيعى فى كل تلك البلدان أن تتفشى تنظيمات الإرهاب الجهادى، وأن يظهر تنظيم الدولة الإسلامية -داعش- لإقامة دولة الخلافة فى سوريا والعراق، قبل أن يتجاوز إرهابه حدود المنطقة العربية، إلى خارجها، ويغدو تنظيما أمميا! 

لم يكن صندوق الانتخاب معيارا صادقا للتوازنات الاجتماعية والسياسية القائمة على أرض الواقع فى الانتخابات الأولى، التى جرت فور اندلاع الربيع العربى، نظرًا لضعف التعليم وقلة الوعى السياسى للجماهير المقهورة، التى كان يتم حشدها للتصويت فيها . فضلا عن خطاب التيار الإسلامى العاطفى الشعبوى، الذى يستثمر نوازع التدين التلقائى لمواطنين، كانوا يتحرقون شوقا لحكم يتسم بالنزاهة ونظافة اليد، والتمسك بالتعاليم الدينية التى تعزز تلك القيم، وتصوروا أن جماعة الإخوان، التى كانت التيار الوحيد الذى لم يجرب بعد فى الحكم، سوف تقود إلى ذلك الطريق، إلى أن تبينوا بأنفسهم زيف ذلك الخطاب وضحالته الدينية والمعرفية والمهنية!

لكن النتيجة المؤكدة التى ينبغى ألا تغيب عن وعى أى وطنى فطن، أن الجيش الوطنى، الموحد الكلمة والإرادة والهدف، والذى يضع مصالح الشعب والوطن فوق كل اعتبار، هو الضمانة المؤكدة لحماية الدولة من التفكك والسقوط، ومن أطماع المقامرين والمغامرين والسماسرة واللصوص. 

وهكذا كان وسوف يبقى جيش بلادى.