كما كان ترامب نسيجاً وحده فى سلسلة الرؤساء الأمريكان.. فإن جو بايدن وزوجته جيل بايدن ظاهرة لافتة للإنسانية والإصرار والتضامن والنجاح ومعنى بديع هادئ لمفهوم الثورة الإنسانى الأوسع والأجمل فى تسربه المستمر لتأكيد معناه وقدرته الجاذبة الفواحة بإعطائها القدوة والمثل والدليل أنه يمكن.
<>بايدن الذى عانى من إحراز درجات ضعيفة وتلعثم فى الإلقاء.. عاد بعد تخرجه فى جامعة ديلاوير بتخصص مزدوج فى التاريخ والعلوم السياسية، وبعد ثلاث سنوات حصل على شهادة فى القانون من جامعة سيراكيوز.. فى عام 1970 فاز بأول انتخابات لمجلس مقاطعة نيوكاسل. ثم بعد ذلك بعامين يخوض انتخابات مجلس الشيوخ فى 1972 ويطيح بالشيخ الجمهورى العتيد كالب بوجز المدعوم من الرئيس الأمريكى نيكسون ليكون خامس أصغرعضو شيوخ فى تاريخ الولايات المتحدة.. ولتصادفه كارثة خاصة فى تلك المقطورة التى أطاحت بزوجته وابنته لينج وابنيه بو وهنتر.. وبدلاً من الانتقال إلى واشنطن العاصمة، قرر بايدن المدمر السفر بالقطار يوميًا حتى يتمكن من قضاء المزيد من الوقت مع أبنائه.
التقى بايدن المعلمة جيل جاكوبس فى 1975.. التقته جيل ولم تزل بالكلية، أما هو فكان عضواً بالشيوخ وعندما التقيا أول مرة ذهبا إلى فيلم رجل وامرأة.. لم تجب جيل على طلب بايدن بالزواج إلا بعد أن تأكدت أنها ستكون أماً لطفليه.. تزوجا فى 77 وأنجبا ابنتهما فى 81.. وكانت جيل قد شرعت فى دراسة الأزياء فى كلية صغيرة ببنسلفانيا ولكن الأمور لم ترق لها فغادرتها وعندما تخرجت فى الثانوى التقت زوجها السابق لاعب الكرة بل ستيفنسون وافترقا بعد عام فى أعقاب التحاقها بجامعة ديلاوير وعملت مدرسة لغة إنجليزية فى مدارس المراهقين ذوى إعاقات وحصلت على شهادتى ماجستير من جامعة فيلانوفا وجامعة ويست تشيستر.. ثم عملت مدرسة لغة إنجليزية بمدرسة ثانوى.. حصلت أيضاً على درجة الدكتوراه فى التربية من جامعة ديلاوير فى يناير 2007.. وقد كانت أستاذة للغة الإنجليزية فى كلية مجتمع فيرجينيا الشمالية منذ عام 2009 وهو نفس العام الذى أدى فيه زوجها اليمين كنائب لرئيس الولايات المتحدة.
أعيد انتخاب بايدن خمس مرات للشيوخ وساهم فى إطلاق مشروعات قوانين ضد العنف المنزلى ومحاصرة الجريمة بتوفير مائة ألف شرطى بشوارع البلاد ووقف الأسلحة الهجومية وتشديد عقوبات المخدرات واتهم سلوبودان ميلسوفيتش بأنه مجرم حرب فى زيارة لبلجراد.. على صعيد آخر أنفقت السيدة بايدن عقوداً فى القيام بالعملية التعليمية ويعتقد أنها السيدة الثانية الوحيدة على الإطلاق التى قامت بعمل مدفوع الأجر أثناء تولى زوجها مهمته وقد داومت على تصحيح الأوراق إبان الرحلات الخارجية للدولة وقد كتبت عن التدريس أنه ليس فعلاً أقوم به بل هو أنا.. وعلى مدى سنوات مهمة زوجها كنائب رئيس تعاونت مع السيدة الأولى ميشيل أوباما لدعم العائلات العسكرية وأصدرت كتاباً للأطفال لا تنسوا بارك الله قواتنا استناداً إلى دعم أطفال ربيبها بو الموجود فى ذلك الوقت بالعراق وكذا دعت إلى التعليم وأهمية كليات المجتمع واستضافت أول قمة بالبيت الأبيض حولها برعاية الرئيس أوباما فضلاً عن الدعم المستمر لمرضى السرطان.
ساهم بايدن فى أدوار مهمة فى فترتى أوباما فى معاهدة خفض التسليح مع روسيا والخروج من العراق وأفغانستان والتحفيز الاقتصادى وتمرير القوانين فى مجلس الشيوخ عبر تفاهمات توافقية وتعرضت عائلة بايدن لكارثة جديدة بوفاة نجله بو فى الـ46 من عمره بسرطان المخ فى 2015 وقد كان بايدن فى سبيله للترشح على الرئاسة فى 2016 ولكنه أحجم وامتنع.. وعندما تم ترشحه عن الحزب الديمقراطى فى 2020 قالت جيل عنه أعلموا أنه إذا عهدنا بهذه الأمة إلى جو، فسوف يفعل من أجل عائلتك ما فعله من أجل عائلتنا، يجمعنا معًا ويجعلنا جمعاً واحداً وأن يحقق وعد أمريكا لنا.. وكانت فعلياً من أبرز الداعمين والجامعين للتبرعات وساعدته فى اختيار نائبته كمالا كأول امرأة ملونة سوداء نائبة للرئيس الأمريكى.. وفى أعقاب مقتل جورج فلويد تحدث بايدن وفى قلب جائحة كورونا: «نحن أمة غاضبة لكن لا يمكننا أن ندع غضبنا يستهلكنا، نحن أمة منهكة، لكن لا يمكننا أن ندع إرهاقنا يهزمنا».. نجح بايدن ونجحت جيل بايدن وقدما أنشودة للإرادة والحرية والسلام والتضامن الإنسانى الدائم الذى لا يتراجع ولا ينهزم.