عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

 

«لو» تفتح عمل الشيطان، لكن فى منطقتنا يحصل الشيطان على فرصة عمل بسهولة, من يصدق أن عقداً كاملاً مر على اشتعال ثورات الفيس بوك وما زال هناك من يلخصها فى مجرد صفعة مهينة على وجه «بوعزيزى» ويتمنى لو أن يد الضابطة قد يبست، يبدو تبسيطاً مخلاً وافتئاتاً على واقع مرير أنبت أجيالاً محبطة بعد أن وصل كل شىء إلى قاع القاع، فلا تنمية حقيقية تكفل الحد الأدنى للحياة الكريمة ولا عدالة اجتماعية ترمم التفاوت الرهيب بين الطبقات او حتى حرية رأى تسمح بالتنفيس عن الغضب المكتوم وأصبح الانفجار العظيم مسألة وقت، لكن ما سرع وتيرة الأمر هو طغيان وسائل التواصل الافتراضى التى هيأت التربة الخاملة وسخنت المناخ المضطرب عندئذ أصدرت المقادير حكمها وزلزلت الأرض زلزالها وقال المهمشون مالها وجرف طوفان الفوضى دولاً من على خارطة الاستقرار وأصبح أعزة أهلها أذلة ولا ينكر منصف توافر نظرية المؤامرة بشكل جزئى، لا شك أن البدايات المتفائلة كانت حبلى بآمال كبار نجحت فى هز عروش أنظمة عتيدة لكنها لم تكن مستعدة جيداً للخطوة التالية لتأتى من الخلف قوى رجعية تنتهز فرصة الفراغ وتسرق حلم الشباب وتهرول به إلى جُب التمكين ثم كان ما كان.

إن الجميع رسب فى الاختبار المصيرى فى كيفية التحول من عنفوان الثورة إلى بناء ركائز الدولة المدنية وهو ما أجهض الحلم فى مهده لتنشر كآبة الفوضى ظلالها على ملح الأرض الذين كفروا بالثورة وبالحرية ويفتقدون أيام الأمان والاستقرار الخوالى.

 ليس هذا من باب تسويق الاستبداد بقدر ما هو تقرير لحقيقة واقعة بحاجة ماسة إلى نقاش معمق وجاد بعيداً عن الهوى الأيديولوجى يطرح بشفافية ما هى فلسفة الثورة، كما تراها الأغلبية؟ يتبعه تحليل رزين لأخطاء وخطايا معسكر التغيير.

ألم يأن للذين ثاروا إدراك عبثية فكرة أن الثورة مستمرة للأبد، التى أدخلتهم فى حلقة مفرغة لا تميز بين تغيير النظام وهدم الدولة، ربما تكون المدة المنقضية كافية للتأمل والمراجعة والشفاء من متلازمة الإنكار اذاً لا مفر من رؤية واضحة تناقش فقه الأولويات وحتمية التوازن الدقيق بين التنمية التى ثار من أجلها السواد الأعظم وبريق الحرية الذى تتوق إليه النخبة ومن ثم حسم الاختيار الاستراتيجى، أما الإصلاح التدريجى من داخل النظام او التمرد الذى سيقابل بخشونة من نظام تريد إسقاطه.

دعونا نضع الأمور فى نصابها ليس بالحرية وحدها تحيا الشعوب، دون مواربة لا تتوافر الاشتراطات الحاكمة لنجاح التحول الديمقراطى الأمن الذى يحمى المجتمعات من هول الهزات العنيفة التى قد تعصف بالسلام الاجتماعى الهش.

لقد أخفق الشباب فى بناء أجسام سياسية قادرة على المنافسة أمام التيار الدينى المنظم، تجارب البشرية تخبرنا بأن لا ديمقراطية دون ديمقراطيين، فالتجربة التونسية كان يشار لها بالبنان كمثال يجب الاحتذاء به فشلت فشلاً ذريعاً فى إحداث نقلة نوعية فى ملف التنمية بسبب خشية القيادات المرتعشة على شعبيتها الزائفة من المظاهرات الفئوية، لذا تجنبت مصارحة الشعب بحقيقة الوضع الاقتصادى المتفاقم الذى ينزلق سريعاً إلى حافة الإفلاس ولا سبيل للنجاة سوى تجرّع الدواء المر، أما على مسار التطور السياسى فحدث ولا حرج فقد طفت على السطح معوقات جمة تتعلق بالتلاعب بقدسية الدين فى دهاليز السياسة ما أجّج نيران الاستقطاب بالإضافة للدور المريب للمال السياسى وشراء اصوات الفقراء وعلاقة تفشى الأمية السياسية بالاختيار الخاطئ، كل ذلك اثر على تماسك الدولة والسلم الأهلى. لك أن تعلم فشل كل رموز ثورة الياسمين فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة وخروجهم من المعادلة صفر اليدين لتسيطر النهضة على الجناح السياسى لجماعة الإخوان على مفاصل الدولة وتسقط بها فى بحر الظلمات. للاسف أضحت تونس بورقيبة المصدر الأول عالمياً للمقاتلين الدواعش. يقيناً الإجابة ليست تونس.