رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

من أغرب الغرائب وأعجب العجائب أن يتكرر حديث الأوروبيين خصوصاً والغربيين عموماً عما يسمونه «حقوق الإنسان» رافعين راية الحفاظ عليها والدفاع عنها ضد منتهكيها وبخاصة فيما يسمونه ظلماً وعدواناً دول العالم الثالث، متناسين أنهم بهذه التسمية فى حد ذاتها يهدرون حقاً عظيماً من حقوق الإنسان فى هذه الدول التى أنزلوها بقدرتهم اللامحدودة على التزييف وإذكاء التصنيف العنصرى بين شعوب العالم إلى مرتبة أدنى منهم، وكأنهم وحدهم قادة الإنسانية وصناع الحضارة والتقدم، أما الآخرون فكتب عليهم القدر التخلف والجمود!!

والطريف والعجيب أكثر وأكثر أنهم يجترئون هذه الأيام على إصدار بيان إدانه للدولة المصرية فى مسألة أو فرية حقوق الإنسان وكأنهم هم من ابتدعها وموكول إليهم من العناية الالهية إلزام شعوب «العالم المتخلف» بها !! ناسين أن هذه الدولة المصرية ذاتها هى التى علمتهم منذ فجر التاريخ معنى التحضر ومعنى الدولة ومعنى احترام إنسانية الإنسان رجلاً كان أو امرأة وكيف تصان الحقوق وتنشأ الدول وتتقدم بتطبيق صارم لمفهوم «العدالة أو الماعت بلغة المصريين القدامى».

وبعيداً عن التاريخ رغم أهمية الوعى به ومعرفة أصل الشعوب والدول ومدى عمقها الحضارى، فإننى أعجب أشد العجب من تشدق الأوروبيين بأنهم مبدعو حقوق الإنسان وحراسها بينما هم كانوا أول وأبرز منتهكيها فى كل عصور التاريخ، أليسوا هم من غزا العالم القديم كله تقريباً، وحاولوا أغرقته على يد الإسكندر الأكبر ضاربين عرض الحائط باستقلال الدول وحق أفرادها فى العيش بحرية وأمان على أرضهم ؟! أليسوا هم من ابتدع الاستعمار الحديث واحتلوا الدول وجردوا مواطنيها من أبسط حقوقهم ونهبوا ثرواتهم وحولوها منذ ذلك العصر البغيض- عصر الاستعمار إلى دول وشعوب متخلفة فقيرة، بينما كانت هذه الدول هى الأغنى بثرواتها الطبيعية وبأهلها البارعين فى كل الصنائع؟!

أليسوا هم من اخترع كل الأسلحة الفتاكة فى العالم وهم الآن الذين يحرصون على احتكارها ومنع بقية دول العالم من امتلاكها للحفاظ على عنصرى السيادة والتقدم غربيين خالصين؟! أليسوا هم من يحرمون بقية شعوب العالم الآن من التعرف على أسرار ونتاج التقدم العلمى العالمى واحتكار العقول العلمية المبدعة ومنعها من أن تفيد دولها من نتاج إبداعها وعلمها؟

أليس الغربيون هم من اغتصب الأرض وزرعوا فيها دولة مزعومة على أرض عربية، وهم من لا يزالون يحمون عدوانها على أصحاب الأرض الأصليين كل يوم؟! أليسوا هم من لا يزالون يساندون تلك الدولة المستعمرة ولا يجرؤؤن حتى على توجيه كلمة عتاب أو لوم على انتهاكاتها اليومية لحقوق الإنسان الفلسطينى؟! ثم أليسوا هم من اخترقوا الدول العربية تحت نفس الفرية «حقوق الإنسان» وهدموها تحت شعار ما سموه بالربيع العربى، فكانت أكبر حركة لهدر حقوق الإنسان العربى الذى قتل وشرد وضاعت أملاكه ونهبت ثرواته وآثاره التاريخية وقسمت أراضيه وأصبحت مرتعاً للمتطرفين والمرتزقة من كل بقاع الأرض تحت سمع وبصر العالم المتقدم؟!

وأخيراً فليجبنى هؤلاء السادة الذين يتشدفون بحقوق الإنسان ويدينون مصر لمجرد أن قضى قضاؤها العادل بسجن بعض المغرر بهم من الذين يحاولون إعادة هدم الدولة المصرية أو لمجرد أن باحثاً إيطالياً قتل على أرضها أيا من كان قاتله، فليجيبونى: كم قتل على أرضكم من مواطنين مصريين أو عرب وكم عذب على أيديكم وفى سجونكم – وليس سجن جوانتانامو وأبوغريب الأمريكيين ببعيد- من المصريين والعرب وأنتم لا تحركون ساكناً ولاتثورون لكرامة الإنسان؟! إن الحقيقة المجردة أيها السادة أنكم تتخذون من شماعة «حقوق الإنسان» والدفاع عنها ذريعة للتدخل فى شئون الدول والشعوب الأخرى، فأطماعكم لا تزال هى هى وعنصريتكم لا تزال هى هى ورغبتكم الجامحة فى السيطرة على دول وشعوب الأرض لا تزال منذ الإسكندر الأكبر إلى هتلر وبوش وترامب هى هى، ولكن ما غاب عن إدراككم اليوم أن الزمن لم يعد قابلاً للعودة إلى الوراء، فلقد تعلمت شعوبنا الدرس وعرفت أن الحفاظ على استقلال وسيادة الدول هو أساس أمنهم واستقرارهم وهو نقطة البداية فى انتقالهم إلى مرحلة جديدة من التقدم والنهضة.