رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عصف الأفكار

 

قبل بداية الدراسة بشهر على الأقل، لا حديث فى البيت المصرى سوى عن تدبير مصروفات المدارس التى زادت رسومها هذا العام بنسبة ٣٠٪، تحول هذا الحديث إلى هم دائم لدى الأسرة الفقيرة التى تقتطع هذه المصروفات من قوتها اليومي، أو راتبها المحدود حتى تتمكن من توفيرها.

وكم يكون حجم « الهم »، اذا كان لدى هذه الأسر أكثر من ابن جميعهم بمراحل التعليم، الذى تحول فى غفلة من الرقابة إلى (بيزنس) بدءا من رياض الأطفال مرورا بالمرحلة الثانوية وانتهاء بالتعليم الجامعي، بعد ان (مصت) الدروس الخصوصية دماء هذه الأسر البائسة.

تجسدت هذه المأساة بوضوح شديد فى الأسبوع الماضي، عندما كشفت دموع سلمى المستور امام باب المدرسة بعد منعها من الدخول، حتى يأتى والدها لارغامه على دفع القسط الباقى من المصروفات، و الذى اعتبره المستشار القانونى للمدرسة إهدارًا للمال العام فى حالة عدم سداده رغم ان قيمته لا تزيد على ٥٠٠٠ جنيه!

وهكذا ظلت بنت الصف السادس واقفة امام المدرسة تحت الشمس الحارقة ٤ ساعات متواصلة، حتى حضر والدها ليتسلم ابنته بأمر الشرطة وسط اصرار من ادارة المدرسة على اغتيال طفلته معنويا، و تشويه صورة أسرتها امام زميلاتها، لعدم قدرتها على دفع المصروفات رغم تعليمات الوزارة الواضحة بعدم الربط بين الدفع و الانتظام فى الدراسة او استلام الكتب المدرسية.

الغريب ان ذلك حدث بتلك المدرسة، ويحدث فى غيرها من المدارس التى لم تلتزم ايضا بقرار جهاز حماية المستهلك  برد ٢٥ ٪ من رسوم الباص، خلال الترم الثانى من العام الماضى بعد تحويل الدراسة ( اون لاين) ووقف الذهاب الى المدرسة بأمر (كورونا).

تلك المأساة عادت بالذاكرة الى الوراء سنوات عديدة، ونحن نعيش هذه الايام فى ذكرى مرور ٤٧ عاما على رحيل المفكر الكبير ورائد النهضة التعليمية فى عصره الدكتور طه حسين وزير المعارف (التربية و التعليم) فى منتصف القرن الماضي، و صاحب المبدأ الشهير (التعليم كالماء و الهواء)، مؤسسا لمجانية التعليم التى خاض فى سبيل فرضها صراعا طويلا.

واليوم ماذا نقول لطه حسين فى ذكراه الـ (٤٧) واين مجانية التعليم التى نادى بها امام واقعة سلمى و امثالها ، هذه الطفلة التى تحلم بان تكون طبيبة او مهندسة، فبدلا من ان نساعدها على تحقيق حلمها نغتال براءتها المعنوية بتهمة عدم قدرة اسرتها على دفع المصروفات، فى ظل مجانية التعليم التى فرضها الراحل العظيم خلال عصره فأثمرت روادا عظاما فى شتى مناحى المعرفة، و لكنها تحولت هذه الأيام الى مجانية صورية جعلت رسوم العملية التعليمية شبحا يطارد الأسر غير القادرة.

رحم الله طه حسين، وكان فى عون سلمى وأخواتها.