رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذه الدنيا

 

 

 

 

تبذل أجهزة الدولة جهودًا مضنية لمواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية التى تمثل عبئًا على كاهل الأسرة المصرية، فضلا عما يترتب عليها من آثار علمية وتربوية خطيرة تكمن فى تقليل مستوى اعتماد الطالب على نفسه فى بذل الجهد لتحصيل المعلومة، والاعتماد على التلقين المباشر الذى يقدمه له المدرس الخصوصى.

قطعًا الدروس الخصوصية ظاهرة خطيرة، وأتمنى أن أرى اليوم الذى يكون فيه لمصر نظام تعليمى يتسم بالجودة والكفاءة، ويتخلص من كل هذه الموبقات السلوكية.

ولكن يبقى السؤال: كيف نصل إلى هذا الهدف؟ ومتى نرى اليوم الذى يتحقق فيه هذا النظام المنشود؟

دعونا نعترف – ورغم رفضنا المطلق للدروس الخصوصية – أن هذه الدروس شأنها شأن أى سلعة أو خدمة تخضع لقانون العرض والطلب. الدروس الخصوصية تمثل - حاليًا- احتياجًا حقيقيًا وفعليًا للطالب الذى لا يتمكن من التحصيل العلمى الجيد فى ظل النظام التعليمي الراهن، ثم أنها تمثل احتياجًا لولى الأمر الذى يريد أن يطمئن على وجود ابنه فى كلية مناسبة خاصة إذا كان طالبًا فى المرحلة الثانوية، ثم أن هذه الظاهرة قديمة قدم التعليم المصرى ذاته وليست وليدة اليوم.

إذًا القضاء على الدروس الخصوصية لن يتحقق بالحلول البوليسية والمطاردات التى تحدث حاليًا، والتى كانت من نتيجتها زيادة تسعيرتها، وبالتالى زيادة العبء على جيب عائل الأسرة.

التخلص من هذه الظاهرة يبدأ بالقضاء على الأسباب الموضوعية المتسببة فيها، وأقصد بذلك إصلاح المنظومة التعليمية نفسها، بما يمكن الطالب من التحصيل الجيد للمعلومة، وجعله ليس فى حاجة إلى المساعدة الخارجية. وأرى أن البداية الصحيحة يجب أن تكون من إصلاح الكتاب المدرسى الذى يجبر الطالب على طلب الدعم والمعونة والمساعدة. الكتاب المدرسى- بوضعه الحالى- أشبه بالطلاسم أو اللوغاريتمات التى لا تقدم علمًا حقيقيًا للطالب، ما يدفعه لشراء الكتاب الخارجى الذى تحول إلى «بيزنس» كبير جدًا وسوق رائجة لها اقتصادياتها وأرقامها التى تجاوزت مليارات الجنيهات سنويًا يدفعها أولياء الأمور من ميزانيات أسرهم، كمرحلة أولى لمساعدة أولادهم، تليها المرحلة الثانية من الدعم وتتمثل فى الدروس الخصوصية، وهذه الأخيرة قد تتخذ شكل الدرس الخصوصى المنفرد الذى يحصل عليه الطالب بمفرده حين ينتقل إليه المدرس فى بيته وهذا هو الأكثر كلفة، أو تتخذ شكل المجموعات حين يتشارك أكثر من طالب فى الحصة الخارجية لتقليل التكلفة.

إذًا الخطوة الأولي تبدأ بإتاحة العلم بطريقة مبسطة ومُيسرة لا تجعل الطالب فى احتياج للمساعدة الخارجية، وهذا يتحقق بالإصلاح الجذرى للكتاب المدرسى، ثم يلى ذلك وضع مفهوم لجودة العملية التعليمية يضمن قيام المدرس بدوره التعليمى على الوجه الأمثل، خاصة أن ظاهرة الدروس الخصوصية لا تقتصر فقط على طلاب المدارس الحكومية، بل تنتشر على نحو أكثر عنفًا بين طلاب المدارس التجريبية ومدارس اللغات الخاصة، حيث يعانى ولى الأمر هنا من نارين، الأولى: المصاريف الباهظة التى عليه تدبيرها خاصة إذا كان له أكثر من طفل داخل هذه المدرسة، والثانية تكمن فى مصاريف الدرس الخصوصى الذى يجد نفسه مضطرًا لإلحاق نجله به بعد أن اكتشف أن مستوى العملية التعليمية بالمدرسة التى يدفع فيها آلاف الجنيهات سنويًا لا تسر عدوًا ولا حبيبا.

القضية معقدة، وفى حاجة إلى حوار مجتمعى حقيقى تشارك فيه كل الأطراف، نريد حلولًا عملية ليس من بينها المطاردات البوليسية للمدرسين التى أضافت أعباء جديدة على أولياء الأمور.

[email protected]