عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

تمر هذه الأيام الذكرى الخمسون لوفاة جمال عبد الناصر زعيم ثورة يوليو 1952 م ، تلك الثورة التى كان من أهم إنجازاتها وضع الدعوه إلى مجانية التعليم موضع التنفيذ ونشر الثقافة على أوسع نطاق. وقد كانت أداة وزارة الثقافة الناصرية آنذاك هو تعديل مسمى الجامعة الشعبية التى كانت موجودة منذ عام 1945م إلى هيئة الثقافة الجماهيرية عام 1965م . وكم كان جميلاً أن تنتشر هذه الهيئة بفروعها فى أرجاء الوطن وفى كل المحافظات والمراكز بل وحتى القرى حاملة رسالة الثقافة والتنوير والعقلانية والعلم  إلى كل من يعيش على أرض مصر.

وكم كانت أنشطة هذه الهيئة قادرة على نقل صوت الثقافة المحلية الشعبية لتلك المحافظات والقرى إلى العاصمة، وكم كشفت أنشطتها المسرحية والأدبية والفنية عن مواهب احتلت موقعًا متميزًا فى الشأن الثقافى العام للدولة، وعبرت عن مدى تنوع  المخزون والموارد الثقافية لمصر، وفى المقابل كم ساعدت هذه الهيئة بمنشآتها وإمكانياتها المادية والبشرية على نشر الثقافة الرفيعة وتنمية الوعى فى كل مجالات الثقافة والفنون لدى أبناء المحافظات والقرى باستضافتها للانشطة الثقافية المختلفة التى تنتجها العاصمة مما جعل كل قرى ونجوع مصر تستمتع بالانتاج الثقافى المصرى،  وتستفيد من اللقاء المباشر بكل أعلام الثقافة المصرية الذين  يزورنهم على مدار العام وفى مختلف الأنشطة الثقافية. لقد كانت هناك علاقة مشاركة وتداخل لا ينقطع بين أنشطة المركز(أقصد القاهرة)، والأنشطة المحلية للمراكز والقرى لدرجة أن أهل القاهرة عرفوا خضرة محمد خضر ومحمد طه كما عرف أهل القرى والنجوع توفيق الحكيم ونجيب محفوظ. لقد كانت المواد الثقافية من الكتب والروايات والأشعار والمسرحيات فضلاً عن الملاحم والأغانى التى تحمل رسائل التنوير والقيم الأخلاقية زادًا ثقافيًا مجانيًا يسرى بين الناس كما يتنفسون الهواء.  فما الذى حدث وجعل ثمة انفصالا بين ثقافة المركز فى العاصمة عن الثقافة الشعبية فى المحليات ؟!

أعتقد من جانبى وقد أكون مبالغاً أن ذلك قد حدث منذ عام 1989 م حينما تغير اسم هيئة الثقافة الجماهيرية إلى هيئة قصور الثقافة  ، وكلنا يعرف مدى تأثير كلمة « قصر « و»قصور» على الوعى الشعبى لأهلنا فى القرى والنجوع . إن هذه الكلمة وحدها تصرف أذهانهم عن كل ما يمكن أن يقدم لهم فى هذه القصور، فالقصور هى مسكن البهوات والباشوات ، وثقافة القصور لدى سكانها تختلف وتتناقض فى الرأى الشعبى العام مع متطلبات وإبداعات العامة وثقافتهم الشعبية !!

ولعلى أقترح على المسئولين فى وزارة الثقافة وعلى رأسهم الفنانة القديرة د. ايناس عبد الدايم وزيرة الثقافة اعادة الاسم، اسم الهيئة العامة لقصور الثقافة إلى الثقافة الجماهيرية إذ ليس شرطًا أن نقدم الثقافة لأهلنا فى المراكز والقرى والنجوع فى قصر بل ربما فى خيمة أو على أى منصة فى الهواء الطلق . ولعلى أقترح عليهم أيضًا أن يمتد النشاط الثقافى الذى يتم فى القاهرة سواء الندوات أوالمؤتمرات التى تكاد تكون يومية هذا العام فى المجلس الأعلى للثقافة أو غيرها من الأنشطة التى تشهدها الهيئة المصرية العامة للكتاب أو دار الكتب أو حتى دار الأوبرا  رُغم جائحة كورونا التى عانينا من آثارها السلبية فى الشهور الماضية، أقترح أن يمتد هذا النشاط إلى كل مكان فى مصر وألا يظل معظمه حبيس قاعات المحاضرات فى العاصمة ،

وفى هذا الصدد لابد من تحية القائمين على البث المباشر لندوات المجلس الأعلى للثقافة بقيادة د. هشام عزمى الأمين العام للمجلس أون لاين على الفيسبوك عبر قناة اليوتيب الخاصة بالمجلس . وإن كنت أطمح إلى مزيد من التفاعل والفاعلية فى نفس الاتجاه ، فلما لايفكر المجلس فى أن تقام هذه الندوات بنظام الفيديو كونفرانس وحينئذ ستعم الفائدة ويكون الحضور مكثفًا وفى كل مقرات الثقافة الجماهيرية فى مصر وليس داخل قاعات المجلس فقط ويكون النقاش مباشرا ومثيرا بين المتحدثين على منصة المجلس وبين متابعيهم فى كل أرجاء الوطن . إن هذا لو حدث سيسهم فى الاسراع إلى التحول من ثقافة التخلف والتعصب والجمود إلى ثقافة الحداثة والتحديث والتقدم بكل عناصرها ، إذ سيختفى تلقائيا الفرق بين دعاة الأخيرة وبين من لايزالون يتمنون بلا شك التفاعل معهم والتأثر بهم . ومن ثم ينتقل مجتمعنا شيئا فشيئا –رغم  انتشار أمية القراءة والكتابة – إلى ثقافة الحداثة والتحديث بكل قيمها الإيجابية المبدعة .  إن الرهان الحقيقى لدولة تبنى نفسها وتتطور نحو مجتمع مدنى حداثى متقدم هو رهان انتشار ثقافة الحداثة والتقدم لدى الغالبية العظمى من أفرادها ، إذ لايمكن بناء دولة حداثية وأهلها يعانون الجمود والتخلف الثقافى !! فالاصلاح الثقافى أساس التحديث كما كتبت غير مرة من قبل.

[email protected]