عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذه الدنيا

عرفت الأستاذ الكبير مصطفى أمين عن قرب فى مرحلة مبكرة من حياتى الصحفية. حاورته وجلست معه وسمعت منه. ومصطفى أمين بالنسبة لأجيال كثيرة ممن عرفوه وقرأوا له وعنه رمز من رموز الصمود الإنسانى والنضال الصحفى. لقد زُج بالرجل فى غياهب السجن فى تهمة غير مفهومة.. وأذكر أننى ذات يوم حاورت الدكتور مصطفى أبوزيد فهمى وزير العدل الأسبق فى عصر السادات، وأول من شغل منصب المدعى العام الاشتراكى، وقد عهد له السادات بالتحقيق فى قضية مراكز القوى الشهيرة.. وهو الذى تولى كتابة مذكرة حيثيات العفو الرئاسى عن مصطفى أمين.

سألت الدكتور مصطفى عن مدى صحة الاتهام الذى تم سجن مصطفى أمين به، فأوضح أن القضية كانت سياسية فى المقام الأول، وأنه بلغة رجل القانون لا توجد جريمة يُحاكم عليها مصطفى أمين حتى يتم حبسه.

يقول الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى كتابه الشيق «بين الصحافة والسياسة»: كان عبدالناصر يشعر بعدم ارتياح لملاك الصحف فى ذلك الوقت؛ آل زيدان أصحاب دار الهلال، وآل تقلا أصحاب الأهرام، وآل نمر أصحاب المقطم، وكانت له تجربة مزعجة مع آل أبوالفتح أصحاب المصرى، كما أن علامة استفهام ظلت أمامه طول الوقت على «آل أمين» أصحاب أخبار اليوم.

باختصار لم يكن عبدالناصر راضيًا عن الملكية الفردية أو العائلية للصحف.. ودارت مناقشات طويلة كان الأستاذ هيكل طرفًا فيها، حتى صدر قانون تنظيم الصحافة فى 24 مايو 1960 والذى تم بمقتضاه «تأميم» دور الصحف فعليًا، رغم أن مصدر القانون تحاشى كلمة «تأميم» صراحة.

لقد حدث ما حدث غير أنه -بعين مهنية محايدة- يمكن القول إن مصطفى وعلى أمين نجحا فى تأسيس كيان يمارس رسالته مع الاحتفاظ بمسافة معقولة من رأس المال.. وأتوقف -بحكم تخصصى الدقيق فى إدارة الصحف- أمام معلومة فى كتاب الأستاذ هيكل «بين الصحافة والسياسة» تكشف عن وعى الشقيقين بضرورة التنظيم المؤسسى للعمل بما يضمن استقرار هذه الكيانات الصحفية وعدم زوالها حتى ولو بوفاة أصحابها، حيث يذكر الأستاذ هيكل أنه بعد أن فرغ الشقيقان من إقامة مشروع دار أخبار اليوم الجديد أرادا أن يضمنا للمشروع البقاء، وأنه حينما سافرا إلى الولايات المتحدة فى طائرة واحدة كتبا إقرارًا بتاريخ 31 ديسمبر 1953 ائتمنا الأستاذ هيكل على تنفيذه. ينص على أنه: «فى حالة وفاة مصطفى أمين وعلى أمين صاحبى دار أخبار اليوم، يتألف مجلس إدارة لإدارة الدار من محمد التابعى وأحمد عنان وأم كلثوم إبراهيم وكامل الشناوى ومحمد حسنين هيكل وجلال الدين الحمامصى وزكى عبدالقادر وعبدالعزيز عبدالعليم وحسين فريد وحافظ جلال، ولهم وحدهم حق إدارة الدار ورسم سياستها وتعيين محرريها وعمالها وتحديد أجورهم.. إلخ.

ويعتبر هذا إقرارا منا لمجلس الإدارة المذكور بانتقال الملكية إليه فى حالة الوفاة، ولا حق لأحد من الورثة أو غيرهم فى التدخل أو ادعاء الملكية أو التصرف، وهذا الإقرار هو هبة منا فى حالة وفاتنا. ونشهد الله على هذا الإقرار والله على ما نقول شهيد».. الإمضاء مصطفى أمين، على أمين.

ثم أعقبا الإقرار بوصية أنه فى حالة تعذر تنفيذ الإقرار «نوصى بثلث ما نملك من مال وعقار ودور ومطابع وصحف إلى عمال الدار الحاليين ممثلين فى مجلس إدارة مكون من.... على أن تُخصص جميع الأرباح لإنشاءات فى الدار ومشروعات صحفية ولرفع مستوى العمال والمحررين فى الدار» الإمضاء مصطفى أمين، على أمين.

تُرى أى من مُلاك الصحف والفضائيات اليوم ينظر إلى مشروعه الإعلامى بهذا الحرص والتجرد المهنى؟ وهل يأتى اليوم الذى يعلن فيه صاحب أى صحيفة خاصة تنازله عنه ممتلكاته أو جزء منها لصالح الصحفيين والعاملين بها ليضمن لها البقاء ويؤمن لهم مستقبلهم فى ذات الوقت؟

[email protected]