عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

أفرزت نهاية الحرب العالمية الأولى أوضاع جيوسياسية جديدة قلبت خريطة الشرق الأوسط رأسا على عقب، بين عشية وضحاها قرر المندوب السامى الفرنسى (الجنرال جورو) انفصال لبنان عن سوريا وانشاء دولة لبنان الكبير 1920 بعد ان ضم لها عددا من المدن الساحلية وسهل البقاع  وجبل عامل، وبعد صراع سياسى طويل بين المسيحيين و المسلمين ، تم الاتفاق على الاستقلال وكتابة الميثاق الوطنى وخرجت الجمهورية اللبنانية للنور 1943.

 ومنذ ذلك الحين عاش هذا البلد الجميل الذى يتميز بتنوع حضارى و ثقافى مثير على إيقاع توازن طائفى دقيق بالرغم من وجود 18 طائفة معترفًا بها رسميًا الأمر الذى انتهى باندلاع الحرب الأهلية هناك حيث كان تحرك العرب بعدها فى قمة الرياض لإنهائها واحتفظت سوريا بأربعين ألف جندى تحت غطاء قوات حفظ سلام وانتهزت الفرصة الأحزاب المسيحية الكتائب، وتيار المردة، والوطنيون الأحرار، و انشئت (القوات اللبنانية) بقيادة بشير الجميل الذى انقلب سريعا على السوريين وفضل عليهم الإسرائيليين ،الذين غزوا جنوب لبنان 1978 و عمدوا الرائد المنشق سعد حداد عميلاً لهم هناك، ثم تجدد الصدام بين السوريين والجميل بسبب هيمنته على المعسكر المسيحى ، بعد اغتياله لطونى فرنجية، وقضائه على قوات دانى شمعون.

لقد استمرت رحى هذه الحرب اللعينة  15 عاما حصدت خلالها ارواح  150 ألف قتيل و300 ألف جريح و17 ألف مفقود، فضلا عن هجرة أكثر من مليون شخص، وخسائر مادية فاقت 100 مليار دولار. بعدما خربت مالطا سمحت القوى الدولية بالتوصل الى اتفاق الطائف بصيغة لا غالب و لا مغلوب ، لقد رسخ هذا الاتفاق النظام الطائفى المقيت ، عبر حصص ونسب طائفية افرزت قانون انتخاب صورى جعل رئيس الجمهورية مارونى  ورئيس الوزراء سنى و رئيس البرلمان شيعى و امتد هذا التقسيم إلى ما هو أدنى من ذلك، لقد دمر  هذا الاتفاق قيم المواطنة سياسياً وأخلاقياً ونفسياً، و غيب الحوار  العقلانى و اختفى المشترك الإنساني،  و لان العنف لا يولد الا العنف  ظهرت فكرة القتل على الهوية و التى اشعلت نار الحقد والكراهية والثأر و الاقصاء ، لقد اكتوى الجميع بلظى هذه الحرب العبثية ولم يكن هناك منتصر او رابح و دفع الجميع فاتورة باهظة ما زالت (سويسرا الشرق ) تعانى حتى الآن من آثارها الكارثية. 

هل يستطيع اللبنانيون الاستفادة من دروس التاريخ وعبره  لقد كانت حرب بالوكالة نفذها الفرقاء سواء بوعى أو دون وعى لم تكن هذه الحرب طائفية خالصة، بل تداخل فيها الدين بالسياسة و الجغرافيا و الاقتصاد وتغيرت فيها التحالفات بشكل دراماتيكى بعيد عن الطائفة ، فقام حزب الله الردايكالى الابن البكر  للثورة الاسلامية الايرانية على أنقاض حركة أمل اليسارية الشيعية.

لا شك ان مأساة انفجار مرفأ بيروت المروعة فضحت الطبقة السياسية الخاملة التى تزداد مع الوقت انحلالا و تفسخا و تباعدا، وضرب فسادها المالى والإدارى  الأطناب، وتحولت لبنان بسببه إلى دولة فاشلة على كل الأصعدة لاسيما مع فجاجة تبعية ( لصوص الطوائف ) للخارج . سقطت ورقة التوت عنهم  لم تعد هنالك حجة الوجود الفلسطينى أو السورى أو حتى الإسرائيلى شماعة  مقبولة للتناحر و الاحتراب ، لذا بقيت خطيئة الطائفية التى لا تغتفر، مصدرًا لكل الشرور  خصوصًا مع ارتكان البعض إلى غرور القوة و عنجهية السلاح و إملاء الإرادة على شريك الوطن وهذه يا سادة هى الوصفة السحرية المعتمدة للفوضى و إسقاط الدول و تدمير الأوطان .