عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

هذه الدنيا

هذه السطور وغيرها مما تجود به قريحة الكُتاب ويخرج من بين ماكينات المطابع وينتشر عبر الفضاء بكل أنواعه: فضائى وإلكترونى وافتراضى.. لن يقرأها فنان مصر الكبير سمير الإسكندرانى الذى غادر الدنيا بعد رحلة مع أمراض الشيخوخة مساء الخميس 13 أغسطس 2020 عن عمر 83 عامًا.

اليوم فقط تذكرنا وطنية سمير الإسكندرانى، وكأننا اكتشفنا تاريخه فجأة، وأنه «الثعلب» الذى حير «الموساد»، ونجح فى إسقاط العديد من شبكات الجاسوسية التى سعت لاغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والمشير عبدالحكيم عامر.. وكشف نحو خمسة من أخطر قضايا الجاسوسية كما أبلغنى هو شخصيًا فى لقاء سابق جمعنى به.

من يقرأ ما يُكتب عن سمير الإسكندرانى اليوم، وصوره التى تزين الصفحات الأولى والأخيرة من أغلب الصحف لن يصدق ما عاناه الرجل من جحود وإهمال حين مر بعدد من الأزمات الصحية خلال الأشهر الماضية دون أن يجد من يسأل عنه باستثناء نفر قليل جدًا من الأصدقاء والمقربين.. يا سلام.. لو كان الرجل قد قرأ فى حياته جزءًا يسيرًا مما نكتبه الآن.. المؤكد أن هذا كان سيسهم فى رفع معنوياته بما ينعكس إيجابًا على حالته الصحية.

وأذكر أن شائعات قوية انتشرت عن وفاة الفنان الكبير فى الأول من نوفمبر الماضى، مما دفعنى للاتصال به مطمئنًا عليه، فأتانى صوته الهادئ المميز عبر التليفون يخبرنى أنه بخير. سألته عن مكان وجوده، فأخبرنى أنه فى البيت، فاستأذنته فى زيارته.. وخلال ساعة كنت أجلس معه بحضور السيدة الفاضلة زوجته، وابنته، وعدد قليل من أفراد الأسرة. جلست عدة دقائق واستأذنته بعدها فى الانصراف بعد أن اطمأننت عليه، فأمسك بى وأصر على الجلوس وتناول بعض الحلوى.. وأمام إصراره عاودت الجلوس، وطلبت منه التقاط بعض الصور التذكارية.. ورحب.. غير أن ابنته السيدة نيفين طلبت منى عدم نشرها على الفيس بوك.. ودار حديث على استحياء حول ما تردد حول حياته.. رأيت الألم فى عينى سمير الإسكندرانى مما نُشر وهو حى يرزق. ألم ممزوج بالمرارة رأيته لأول مرة فى حياتى على وجه سمير الإسكندرانى الذى عرفته منذ ربع قرن رجلًا قويًا صلبًا.. أى أخلاق وأى ضمير هذا الذى يدفع أى شخص لينشر خبرًا عن وفاة إنسان مهما كانت متاعبه الصحية؟ والأدهى أن يتلقى هذا الشخص المكالمات التليفونية التى تسأله: هل أنت مازلت حيًا أم أنك فارقت الحياة؟ هل هى الرغبة فى السبق؟ ملعون أبو هذا النوع من السبق إذا كان يتجاوز الحقائق وينافى الحقيقة؟

نعم.. الموت حق على كل المخلوقات.. ولكنه أمر مؤلم أن يُنشر خبر مثل هذا وصاحبه على قيد الحياة.. هنا وجدت نفسى مدفوعًا لكى أخالف ما اتفقت عليه مع الفنان الكبير وابنته.. ونشرت على الفيس بوك عددًا من الصور التى كنت قد التقطها قبل دقائق معه، خاصة أن هيئته وحالته الصحية ظهر فيها على ما يرام.. وكتبت نافيًا بشكل قاطع ما ردده البعض حول وفاته، مؤكدًا أن هذه الصور تجمعنى به قبل دقائق.. وقد أسهم ما نشرته فى الرد بشكل واضح وموثق على ما انتشر خلال الساعات التى سبقت ذلك.

خرج الفنان الكبير من وعكته الصحية، وعانى من مشاكل صحية متعددة، وتردد على أكثر من مستشفى دون أن تحظى حالته بأى اهتمام أو متابعة من أى نوع إلا من جانب دائرة قريبة جدًا تشمل أفراد الأسرة وعددًا قليلًا من الأصدقاء.

ثم نأتى اليوم.. ونعدد فى مآثر ومناقب الفقيد الكبير.. إنه الوفاء بأثر رجعى.. أو الوفاء بعد فوات الأوان.

[email protected]