رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

 

أهالى قرية «شبرا البهو» المحبوسين بقرار من النيابة على ذمة التحقيق بتهمة الاشتراك فى ارتكاب عمل إرهابي.. لتصديهم لجنازة طبيبة الدقهلية المتوفاة بفيروس كورونا ومحاولتهم منع دفنها خوفًا من العدوى.. هل هم ظالمون أم مظلومون؟..

فى رأينا.. إنهم ظالمون ومظلومون فى نفس الوقت.  

•• كيف؟

هم ظالمون لغيرهم وأنفسهم.. ظالمون للطبيبة لأنهم لم يرحموها.. ولم يعطوها حقها من التقدير والتكريم والمعاملة الإنسانية التى تستحقها باعتبارها شهيدة لمهنتها ولجائحة مرضية لا ذنب لها فيها وكان كل واحد منهم يمكن أن يكون مكانها.. ضحية لهذا المرض.. وهم كذلك ظالمون لأنفسهم لأنهم ارتكبوا.. عن جهالة.. عملًا آثمًا يتنافى تمامًا مع كل القيم الأخلاقية والإنسانية.. وكذلك القيم الدينية التى تحث على «إكرام الميت بدفنه».. وكان أبسط ما ينبغى عليهم فعله إذا كانوا حقًا يخشون العدوى.. أن يبقوا فى منازلهم ويتركوا أهلها المكلومين يوارونها القبر وحدهم.. وفى صمت ووفقًا لإجراءات الوقاية المتبعة فى مثل هذه الحالات.. بدلًا من أن يخرجوا بهذه الأعداد الكبيرة ليكونوا بذلك أكثر عرضة للعدوى والإصابة (!!).

وهم مظلومون كذلك.. لأنهم أولًا «لا يعلمون» مثلهم مثل ملايين آخرين من البشر لا يعلمون تحديدًا حقيقة هذا الذى يحدث فى العالم كله وأصاب كل شعوبه بالرعب والشلل.. و«هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون»؟.. وثانيًا لأنهم ضحايا.. مثلنا جميعًا.. لأخطاء فادحة فى المعالجة الإعلامية لهذه الأزمة أو المحنة.. ليس على المستوى المحلى فقط.. ولكن أيضًا على المستوى الدولى بأكمله.. حيث لعب الإعلام دورًا خطيرًا وبشكل غير مباشر فى «تخويف الناس» وبث الفزع والرعب فى نفوسهم وإغلاق أى باب أمل قريب أمامهم.. مما أدى إلى تفاقم الأزمة.   

•• لا ننكر

أن هناك دورًا إيجابيًا لعبته أجهزة الإعلام فى التوعية بالمعلومات المتاحة حول المرض وأعراضه وكيفية التعامل معه وطرق انتقاله بالعدوى وإجراءات الوقاية منه.

لكن هناك خطأ فادحًا وقعت فيه كل وسائل الإعلام.. وهو التركيز الكبير على رصد أعداد المصابين والموتوفين بالمرض من خلال البيانات اليومية التى تصدرها كل الدول.. وكذلك إطلاق منصات إلكترونية تبث إحصائيات لحظية لأعداد الضحايا.. هذا الخطأ مازال مستمرًا حتى الآن.. وما عليك إلا أن تتابع نشرة الأخبار فى أى قناة تليفزيونية لتتأكد من ذلك بنفسك.. ولتكتشف أن حجم المعلومات الإيجابية التى تبثها هذه القنوات حول الجهود العلمية المبذولة فى العالم كله.. والسباق المحموم مع الزمن لمحاولة التوصل إلى علاج دوائى ناجع يبنقذ البشرية من هذه الكارثة.. لا يكاد يُذكر مقارنة بحجم ما يتم بثه من معلومات سلبية حول المرض وخطورته.

•• أضف إلى ذلك

أن هناك طوفانا من الأخبار «المفبركة» أو الكاذبة وغير الدقيقة تنتشر فى وسائل الإعلام.. وبشكل خاص وسائل التواصل الاجتماعى التى تجتذب أعدادًا من البشر تفوق أضعاف المتابعين للقنوات الفضائية.. وهى أكثر وأخطر تأثيرًا على المتلقين.. بعض هذه الأخبار تأتى عن جهالة وعدم وعي.. والكثير منها للأسف مصنوع وموجه ويحمل بين طياته أغراضًا سياسية أو فكرية خبيثة.. تصب كلها إما فى اتجاه «نظرية المؤامرة» والصراع السياسى بين القوى العظمى.. أو فى اتجاه الصراع الدينى والفكرى بين القوى «الراديكالية» التى يتم توظيفها سياسيًا أيضًا بشكل أو بآخر.. ومن هنا نشأت أفكار عديدة ومتضاربة لتفسير الأزمة.. كلها تعتمد على استنتاجات لا تسند الى حقائق علمية موثقة ومؤكدة.. ومنها نظرية أن ما يحدث هو «حرب بيولوجية» أمريكية صينية.. ونظرية أن المرض ناتج عن خطأ علمى أدى الى تسرب غاز غامض وقاتل من مختبرات إحدى الدول الكبرى.. وكذلك نظرية أن هناك تسممًا إشعاعيًا ناتجًا عن إطلاق كم هائل من الأقمار الصناعية لتشغيل شبكة الـ 5G  أو الجيل الخامس لشبكات الاتصالات العالمية.. ثم نظرية «المؤامرة الكبرى» التى صنعتها «طائفة دينية سرية» بهدف هدم النظام الاقتصادى الدولى وإعادة صياغته بشكل يمكِّن هذا الطائفة من السيطرة على العالم كله.. بينما تجد فى وسائل إعلام عديدة من يروج للتفسيرات الدينية والغيبية للمحنة.. ويعتبرها غضبًا أو اختبارًا من الخالق للبشر الضالين.. وتنبيها لهم بضرورة العودة إلى الدين والإيمان.. ويقابل ذلك ما يروج له العلمانيون عن «غضب الطبيعة» على «البشرية الملوثة»!

•• باختصار

نرى أن وسائل الإعلام تخطئ بتماديها فى نشر السلبيات والأفكار الشاذة والمشوهة حول الأزمة وأسبابها وتداعياتها.. وقد آن لها أن تتحول الى دعم الجوانب الإيجابية.. خاصة مع اقتراب العلم من التوصل بالفعل إلى احتواء المرض.. وكذلك تحول الكثير من دول العالم إلى التعامل بموضوعية وواقعية مع الأزمة دون تهوين أو تهويل.. واتخاذ «تدابير العودة» إلى حياتها الطبيعية.. حماية لاقتصاداتها ولاقتصادات العالم كله من الانهيار والدمار.