عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

منذ عشرين سنة احتفت النخبة الغربية بمقالة في مجلة إنترنشيونال إنترست التي تطورت فيما بعد الي كتاب ذائع الصيت بعنوان "نهاية التاريخ والانسان الاخير" ترجم الي معظم لغات العالم. تتمحور أطروحة صاحبه فرانسيس فوكوياما أستاذ السياسة العامة بجامعة جونز هوبكنز.

 إن الديمقراطية الليبرالية بإمكانها أن تشكل منتهي التطور الأيديولوجي للبشرية والشكل النهائي لأي حكم انساني وأن التاريخ يوشك ان يصل إلى نهايته بانهيار المعسكر الشيوعي واندثار حلف وارسو، وبداية ميلاد عصر جديد يحصل فيه توافق عالمي واسع حول المثل الديمقراطية. لأن النظم الاستبدادية تعاني إفلاسا أيديولوجيا بسبب افتقارها الي المبادئ السياسية السامية والتي عادة تلجأ اليها الدول عند الأزمات، فأي شرعية سياسية هي اشبه بالاحتياطي النقدي إبان الازمات.

اعتقد انه ليس هناك أزمة عالمية كاشفة لمتانة وقوة الانظمة سواء ديمقراطية أو استبدادية مثل أزمة كورونا أو الفيروس الصيني كما يحلو لترامب ان يطلق عليه بسبب ظهور  الفيروس في مقاطعة هوباي، ومركزها مدينة ووهان، تعرضت الصين حينئذ   لانتقادات دولية بسبب سياسية الإنكار نتيجة الهاجس الأمني، وقامت بإسكات الاصوات التي تجرأت علي لفت الأنظار لتلك المشكلة. وكذلك لم تتعلم من تجربة الماضي القريب مع وباء السارس عام 2002 والذي نتج من اختلاط الحيوانات الحية في أسواق الصين. ولكن عندما وصل الامر الي الذروة بإصابة اكثر من 80 الفا وفتك بأرواح اكثر من 3 الاف هنا تبدل الحال في اداء التنين الصيني الي ما يشبه المعجزة، وتحركت بخطة استجابة محكمة مكنتها من حصر المواجهة في أفضل مراحلها، وأقلها في الخسائر، وهي مرحلة العزل للبؤر الرئيسة للوباء. ففرضت  الإغلاق التام الصارم على أكثر من 56 مليون مواطن، هم سكان مقاطعة هوباي، لا سيّما عاصمتها مدينة ووهان. التزم غالبية السكان بالعزل المنزلي، وطافت دوريات الشرطة بالشوارع للتأكد من عدم تواجد الناس إلا للضرورة. وشيدت 14 مستشفي شاملة آلاف الفرق الطبية  في زمن قياسي استوعبت عشرات الالاف من المرضي.

ايضا توصلت الفرق العلمية الصينية لكل المعلومات الأساسية والثانوية عن تركيب الفيروس، وطرق انتشاره، ونقاط قوته وضعفه، وسرعة تعديل السلطات الصينية لخططها على أرض الواقع وفقًا للمستجدات العلمية في فهم الفيروس. ونجح فريق بحثي من جامعة شنغهاي في التوصل لكامل الخريطة الجينية لفيروس الكوفيد-19، وقاموا بعد أيام بنشره لعموم الباحثين في العالم ليعمل الجميع عليه. اظهرت الازمة مدي تقدم  الوسائل التقنية الصينية في تحسين فعالية وكفاءة الخطة  لمكافحة الوباء. فهناك روبوتات ذكية لتعقيم المؤسسات والشوارع، وكاميرات حرارية عالية الدقة لكشف الحالات المصابة بالحمّى عن بعد، وبعض تلك الكاميرات حُمِّلَت على طائرات مُسيَّرة بدون طيار، كانت تطوف الشوارع لمسح المارة، والتعرُّف على المصابين بارتفاع الحرارة منهم، ليتم التحقق من إصابتهم من عدمها. وتم اغلاق آلاف المصانع وغيرها من المؤسسات الكبرى، لا سيَّما في بؤر العدوى وذلك للسيطرة على انتشار الفيروس، وأعان على هذا فائض القوة الاقتصادية للدولة الصينية، واحتياطاتها النقدية والمالية الهائلة. 

منذ ذلك الحين،  سيطرت الصين على المرض، بينما ازدادت أعداد المصابين في سائر أرجاء العالم بنحو 13 ضعفا في غضون أسبوعين. و يري المعلقون أنه سيكون من الصعب اتخاذ إجراءات مماثلة في دول العالم الديمقراطية والكارثة الايطالية خير شاهد. وبعد أن عبر الوباء المحيط الاطلنطي وفضح الاداء المزري للحكومة الفيدرالية لا سيما بعد فشل النظام الصحي الذريع في مجابهة الفيروس، فإن ماكينة الديمقراطية الأمريكية قد أصبحت مصابة بنزلة برد شديدة، وأن ازدياد سطوة المال السياسي وتنامي نفوذ اللوبيات والدور المبالغ فيه للدعاية الإعلامية من العوامل التي زادت تشوهات النظام الديمقراطي الأمريكي.

أعتقد أن النظام العالمي ما قبل ازمة كورونا لن يكون هو نفس النظام  بعدها فقد جري في النهر ماء كثير.