رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذه الدنيا

 

 

 

 

تترقب الأوساط الصحفية والإعلامية التشكيلات المرتقبة فى الهيئات الإعلامية تمهيدًا لإجراء تغييرات فى مجالس إدارات وتحرير المؤسسات الصحفية، والتغيير فى حد ذاته ليس هدفًا ما لم مقرونًا برؤية إصلاحية وتعديل فى نمط وسلوكيات الإدارة داخل المؤسسات الصحفية التى تئن من نزيف حاد وشديد من الخسائر لأسباب بعضها تراكمية، وبعضها الآخر يعود لعدم مواكبة إداراتها لظروف تغير السوق، فما كان مقبولاً ويلقى رواجًا قبل 20 أو 30 عامًا لم يعد له محل من الإعراب اليوم.

وأركز حديثى هنا على المؤسسات الصحفية، ويبلغ عددها 8 مؤسسات قومية مملوكة للدولة، 6 مؤسسات منها تصدر نحو 55 إصدارًا ما بين صحف يومية ومجلات أسبوعية وشهرية وفصلية، بينما توجد مؤسستان خدميتان هما:  وكالة أنباء الشرق الأوسط والشركة القومية للتوزيع.. وأعتقد أن المهمة العاجلة التى يجب أن تقوم بها الهيئة الوطنية للصحافة بالتعاون مع مجالس الإدارات الجديدة يجب أن تتجاوز مسألة رصد وتحديد احتياجاتها الشهرية من الدعم المالى، لتبدأ على الفور فى خطة إصلاحين مالى وإدارى جادة يتم تنفيذها بدقة وصرامة وشفافية عبر جداول زمنية محددة ومدروسة تستهدف فى المرحلة الأولى منها التقليل التدريجى لمعدلات خسائرها أملاً فى الوصول فى مرحلة تالية إلى نقطة التوازن المالى التى تتعادل فيها الإيرادات مع المصروفات.. وهذا الأمر لو أمكن تحقيقه سيكون إنجازًا حقيقيًا ومبهرًا.

يجب أن ينتهى الزمن الذى تعتمد فيه إدارة المؤسسات على التقدير الشخصى والإمكانيات الفردية التى يتمتع بها رئيس مجلس الإدارة فى الإلمام بقواعد الإدارة من عدمه .. أغلب المؤسسات فى العالم ومن بينها المؤسسات المالية والبنوك وكبرى الشركات فى مصر تدار الآن وفق قواعد الحوكمة governance وهى مجموعة من النظم الواضحة التى تشمل:

ضبط النفقات  cost control

ترشيد النفقات cost reduction

علاج أوجه الترهل الإدارى بالمؤسسة فى إطار رؤية واضحة للموارد البشرية التى تعد الثروة الحقيقية للمؤسسات الصحفية، لأنها مؤسسات تنتج فكرًا وثقافة .. وهذا المنتج تحديدًا يعتمد على قدرات الأفراد العاملين بها.

قبل 26 عامًا.. وتحديدًا عام 1994 كنت أدرس الماجستير فى كلية الإعلام جامعة القاهرة، وكان من بين من يدرسون لنا الدكتور الحسينى الديب، وكان قد حصل على الدكتوراه فى مجال «إدارة الصحف: دراسة نظرية وتطبيقية» وقام بطباعة رسالته فى كتاب يحمل نفس الاسم صدر فى نوفمبر 1986 عن دار الأنجلو المصرية.

وقدم هذا الكتاب المهم أستاذ الأساتذة الدكتور خليل صابات الذى كتب مُستعيدًا ما تعلمه من الدكتور محمود عزمى فى جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا) من أن الصحيفة التى ليست لها إدارة قوية، وليس لهذه الإدارة سياسة ثابتة، محكوم عليها بالفشل إن عاجلًا أو آجلًا مهما يكن عنصر التحرير فيها قويًا.

والمثير أن هذه الدراسة التى صدرت قبل 34  عامًا توصلت إلى حقيقة مفادها أن الجمع بين وظيفتى رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير أمر غير مستحب.

ويمضى الدكتور خليل صابات فى مقدمته قائلًا: إن نجاح الدار أو المؤسسة الصحفية لا يتوقف فقط على مستوى تحريرها بل على حُسن إدارتها تجاريًا، فالعامل المادى فى أية مؤسسة صحفية يجب أن يتوازن مع العامل التحرير أو النفسى.

ويؤكد الدكتور «صابات» ضرورة وجود التفاهم التام بين الإدارة والتحرير، ويكتب بالحرف الواحد: ذلك أن الصحيفة على خلاف السفينة فى حاجة إلى ربانين «ريسين» يتعاونان كل فى اختصاصه من أجل أن تصل إلى بر الأمان.

دراسة الدكتور الحسينى الديب تتصدى لكثير من الملفات الحساسة التى تمس عصب صناعة الصحافة مثل:  سياسة المرتبات، ومشاكل الضرائب، والطباعة والورق وتكاليفه وكمية المستخدم منه واجمالى المخلفات والمرتدات، ووسائل تنشيط التوزيع، وسياسة إغراق السوق بكميات من الصحف تزيد على طاقتها، وعدد صفحات الجريدة، والتوزيع الليلى، ورفع سعر الجريدة وأثره على التوزيع، والأعداد الأسبوعية، ونسب المرتجعات، والتأخير فى طباعة الجريدة وأثره على التوزيع، وشهر رمضان وأثره على التوزيع.. وغير ذلك  من المسائل الفنية المهمة.

وقبل هذه الدراسة كان الدكتور صليب بطرس أستاذ اقتصاديات الصحف قد أصدر دراسة فى منتهى الأهمية سنة 1974 عن إدارة المؤسسات الصحفية تحدث فيها عن قضية الاستفادة من وفورات الإنتاج الكبير فيما يتعلق بالاستثمار فى إقامة مطابع وأصول المؤسسات، وهو ما لم يلتزم به أحد على حتى فى عملية الدمج غير المدروسة التى تمت عام 2009 بتقليص عدد المؤسسات الصحفية من 10 إلى 8 مؤسسات، بتوزيع إصدارات دار التعاون ودار الشعب على الأهرام والأخبار والجمهورية، بينما آلت بعض أصولهما بالعاملين بها للشركة القومية للتوزيع، فحُرمت المؤسسات الثلاث من هذه الأصول، وتم إغراق القومية للتوزيع التى كانت واحدة من أغنى وأنجح الشركات فى دوامة من الديون والمشاكل..  حين تم تحميلها بأصول ليست فى حاجة لها.

المؤسسات الصحفية تنتظر خطة إنقاذ عاجلة حتى يُقدر لها أن تستمر فى رسالتها.

[email protected]