رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

 البيان الذى أصدرته وزارة الخارجية أمس الأول ردًا على البيان الأثيوبى الأخير بشأن الاجتماع الوزارى لسد النهضة الذى عُقد الأسبوع الماضى.. يمكن وصفه بأنه الأشد لهجة بين جميع البيانات الصادرة من الجانب المصرى فيما يتعلق بهذا الملف.. نظرًا لما يتضمنه البيان من اتهامات صريحة ومباشرة للجانب الأثيوبى بالمماطلة والمغالطة والمغالاة.. وترديد «شعارات جوفاء» يتم استخدامها «للاستهلاك المحلي».. لكن ترى هل أغلق هذا البيان الطريق بشكل نهائى أمام الحلول السياسية وجهود الوساطة الدولية التى تقوم بها الولايات المتحدة بناء على الطلب المصري؟.

<>

أن مصر لم تقصد مطلقًا بهذا البيان إغلاق أبواب الحلول السياسية.. بدليل ما نص عليه البيان نفسه من تأكيد على مشاركة مصر فى الاجتماع المقرر أن يعقده وزير الخزانة الأمريكى مع وزراء الخارجية والمياه لمصر والسودان وأثيوبيا فى واشنطن يومى 13 و14 يناير 2020.. والتأكيد أيضًا على أن هذه المشاركة تأتى «من منطلق التزام مصر بالعمل الأمين من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن وفى إطار سعيها للحفاظ على مصالح الشعب المصرى التى لا تقبل التهاون فيها».. وفقًا لنص البيان.

لكن مصر أرادت بهذا البيان أن تضع النقاط فوق الحروف.. وترد بالحجج والحقائق على مزاعم البيان الإثيوبى واتهامات أديس أبابا للجانب المصرى بالتعنت فى المفاوضات والسعى «للاستئثار بمياه النيل».

<>

تضمن البيان العديد من الإيضاحات الفنية حول الوسائل التى اتبعتها إثيوبيا فى منهجها خلال المفاوضات.. من أجل «فرض الأمر الواقع وبسط سيطرتها على النيل الأزرق وملء وتشغيل سد النهضة دون أدنى مراعاة للمصالح المائية لدول المصب، وبالأخص مصر، بوصفها دولة المصب الأخيرة، بما يخالف التزامات إثيوبيا القانونية وفق المعاهدات والأعراف الدولية».. وهذا المنحى الإثيوبى «تجلى فى مواقفها الفنية، ومقترحاتها التى قدمتها خلال الاجتماعات الوزارية، والتى تعكس نية أثيوبيا ملء خزان سد النهضة دون قيد أو شرط ودون تطبيق أية قواعد توفر ضمانات حقيقية لدول المصب وتحميها من الأضرار المحتملة لعملية الملء».. بينما اتسمت الأفكار والحلول التى قدمتها مصر خلال الاجتماعات بالمرونة والانفتاح على عكس ما ورد فى بيان وزارة الخارجية الأثيوبية الذى زعم أن مصر طلبت ملء سد النهضة فى فترة تمتد من 12 إلى 21 سنة.. فالحقيقة  وفقًا للبيان هى أن «مصر لم تُحدد عددًا من السنوات لملء السد.

<>

من الواضح أن الإثيوبيين لم يأتوا إلى المفاوضات بمثل تلك النية الحسنة والروح الإيجابية التى جاءت بها مصر تعبيرًا عن رغبتها الصادقة فى التوصل لاتفاق عادل ومتوازن يحقق المصالح المشتركة لمصر ولأثيوبيا.. فالمؤكد أن هناك «أياد خلفية» تحرك نظام أديس أبابا وتدفعه إلى هذا الموقف المتعنت.. وأن مصر لا تفاوض الاثيوبيين وحدهم.

وكما قلنا من قبل.. فإنه من الخطأ تصور أن التوقف المتتالى لمفاوضات سد النهضة بما يوحى بوصولها إلى طريق مسدود.. سيكون بديله هو الحرب.. فهذا تصور ينافى الواقع تمامًا.. ويعنى فهمًا خاطئًا لتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى الدائمة بأن «الدولة المصرية بكل مؤسساتها ملتزمة بحماية الحقوق المائية المصرية فى النيل».. وتأكيد الرئيس على أن مصر «مستمرة فى اتخاذ ما يلزم من إجراءات على الصعيد السياسى وفى إطار محددات القانون الدولى لحماية هذه الحقوق».

الأمر إذن محسوم.. ولذلك أكدنا من قبل أن قضية سد النهضة هى «قضية سياسية بامتياز».. لن تحلها الطائرات والقنابل والصواريخ.. ومازال لدى مصر الكثير من البدائل والأوراق والمسارات والأساليب والطرق السلمية والدبلوماسية.. التى تستطيع اللجوء إليها من أجل الضغط على الطرف الأثيوبى وإجباره على التخلى عن سياسة الاستقواء وفرض الأمر الواقع فى هذا الملف الخطير.

< أما="" الخطوة="">

فالمؤكد أنها ستكون «التحكيم الدولي» عبر محكمة العدل الدولية إذا ما انتهت مفاوضات واشنطن التالية إلى لا شيء.. والمعلوم أن مصر أعدت بالفعل ملفًا قانونيًا كاملاً استعدادًا لهذه الخطوة.. وهو ملف يتضمن الأدلة والبراهين لاثبات حجم تضرر مصر من بناء وملء السد بالطريقة الإثيوبية التى تتعارض مع القانون الدولى ومبادئ الأمم المتحدة.. على أن يتم رفع الملف إلى الأمم المتحدة لتوصى بعرضه على مجلس الأمن أو المحكمة الدولية.. فهذا هو السبيل الوحيد للتحكيم.. لأنه لا يمكن اللجوء مباشرة إلى المحكمة إلا بموافقة طرفى النزاع.. وطبعًا أثيوبيا «المتعنتة» لن توافق على هذا الخيار.. إلا مُرغمة ومُلزمة بقرار دولى.