عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

إن أكثر مايعانيه جل الشعب المصرى من أزمات ومن مشكلات تتلخص فى مجالين اثنين هما مجال الخدمات الصحية والخدمات التعليمية. والحقيقة أن الدولة فى عهد الرئيس السيسى تنتهج نهجًا سبق وأن أسميته «منهج اختراق المشكلات المستعصية»؛ ففى مجال التعليم تحاول الدولة البدء فى إصلاح حال التعليم بخطة طموحة بدأتها بدور الحضانة والفرق الأولى من المرحلة الابتدائية والفرقة الأولى من الثانوى العام، كما بدأت التركيز على التعليم الفنى وتحديثه وتوفير الإمكانيات التدريبية لصقل طلابه وإعدادهم إعدادًا جيدًا لسوق العمل. ويستحق الجميع التهنئة والتشجيع حتى تتواصل الجهود لتغيير نظم التعليم العام والفنى من خلال تغيير فلسفته ككل لخدمة المتعلم والمجتمع على حد سواء. أما ماعدا ذلك من اختراقات من خلال ما يسمى بالتعليم اليابانى والمدارس الدولية الإنجليزية والأمريكية والفرنسية والألمانية وغيرها فى مجال التعليم العام أو من خلال إنشاء فروع للجامعات الأجنبية، فهذه فى اعتقادى تعد من الاختراقات السلبية التى تزيد نظمنا التعليمية خللًا وتعقيدًا؛ حيث يتربى الأبناء ويتعلمون بلغات غير لغتهم وينتسبون وينتمون لثقافات غير ثقافاتهم، وهذا ما أشرنا إليه فى مقالات ودراسات سابقة وأكدنا على ما فيه من مثالب وبينا ماسيترتب عليه من مشكلات أبسطها وأخطرها فى ذات الوقت فقدان الانتماء للوطن ناهيك عن شعور هؤلاء الأبناء بالتعالى على أقرانهم والشعور بالتميز عنهم ومن ثم انعزالهم فى أبراجهم العاجية ليس فقط من خلال إقامتهم فى الكومبوندات المغلقة التى انتشرت فى بلدنا انتشار النار فى الهشيم بل أيضًا بلغاتهم وثقافاتهم وأخلاقياتهم الأجنبية التى لايتقنون بل ربما لايعرفون غيرها!!

أما فى مجال الصحة فلايملك الإنسان المنصف إلا أن يحيى القائمين على هذا القطاع فى كثرة ما يقومون به من اختراقات لكل مشكلات المصريين الصحية؛ فبعد النجاح المذهل فى مبادرة القضاء على مرض فيروس س الذى كان يأكل أكباد المصريين ويفتك بحياتهم، كانت مبادرات أخرى كثيرة مثل مبادرة القضاء على قوائم انتظار العمليات فى كل المستشفيات المصرية وكانت مبادرة مائة مليون صحة التى ساهمت فى علاج آلاف المرضى والاطمئنان على الملايين الذى ذهبوا للمراكز الصحية وخضعوا للتحليلات المطلوبة، وكانت مؤخرًا مبادرات أخرى كثيرة تخص الكشف على أطفالنا والاطمئنان على صحة عيونهم وعلاج عيوب الابصار وعلاج السمنة والنحافة وعلاج عيوب السمع والوزن.. الخ وكانت مبادرة صحة المرأة التى من شأنها ليس فقط الكشف عن أمراض الثدى والسرطان بل امتدت للاطمئنان على صحة المرأة المصرية ككل.

وأخيرًا كان المشروع القومى الذى كان حلمًا فأصبح واقعًا لاخيالاً، مشروع التأمين الصحى الشامل، فذلك هو المطلب الذى لو تم إنجاحه وتعميمه على كل المصريين فى كل المحافظات والمدن والقرى والنجوع سيكون هو المشروع الذى يمثل صمام الأمان للمصريين ويقضى على صور كثيرة من الفساد التى يعانى منها الناس إذ سيتخلصون من كل ما يعانونه من آلام ومواجع المرض على مدى العمر كما سيقضى تمامًا على تدنى الخدمات الصحية فى المستشفيات الحكومية وكذلك سيقضى على فساد العيادات والمستشفيات الخاصة وعلى التنافس بين عيادات الأطباء الخاصة فى الرفع غير المبرر لأثمان الكشف الطبى عند كبار الأطباء بل وصغارهم، كما سيقضى على مواطن الخلل والقصور فى كل النظم التأمينية الحالية التى يخضع لها المواطنون العاملون فى الهيئات الحكومية والخاصة. إن الكثير من صور الفساد حتى بين المواطنين وأنفسهم فى معظم المصالح الحكومية المتمثلة فى انتشار الرشاوى والاكراميات وما شابه إنما تعود فى أحد أسبابها الهامة إلى أن كلًا منهم يريد توفير أى مبالغ مالية اضافية يمكنه انفاقها على العلاج إذا تعرض لظروف مرضية هو أو أحد أفراد أسرته لاقدر الله! إن الهاجس الأساسى للمواطن المصرى العادى ولكل موظفى الدولة هو: كيف العلاج حين المرض ومن أين سيأتى بالمبالغ المالية الكافية له؟!!

وعلى ذلك أتمنى أن يصبح لهذا المشروع الأولوية الكبرى لدى الدولة والحكومة بحيث يمتد تطبيقه إلى كل المواطنين فى أسرع وقت ممكن، وفى هذا فليتنافس المتنافسون من هيئات الدولة والجمعيات الأهلية وأثرياء هذا الوطن وهم كثيرون وقادرون على دعم هذا المشروع القومى ليس بالآلاف والملايين بل بالمليارات، ليتنافس الجميع فى تدبير الأموال اللازمة لتوفير كل الإمكانيات اللوجستية والبنية التحتية التى يحتاجها المشروع فى أرجاء الوطن. إن صحة الإنسان وأمانه الصحى المستديم هو ما يجعله حقًا يشعر بجودة الحياة وبأن هناك دولة تحترمه وترعاه وتحرص على سعادته، كما أن ذلك هو الدافع الأكبر الذى يجعله يؤدى واجباته الوظيفية بحب وبأقصى قدراته.

[email protected] com