عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

 

بالأمس القريب التقيت بالموسيقار الكبير نصير شمة؛ وهى ليست الأولى، فقد تذكر حين التقينا متى وأين التقينا للمرة الأولى، غير أن هذه المرة كنت له مستمعاً فى ندوة أقيمت على شرفه بدار الأوبرا المصرية وأدارها الصالون الثقافى العربى، برئاسة المفكر الكبير مصطفى الفقى وشيخ النقاد د. صلاح فضل والسفير العراقى قيس العزاوى، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية.

كانت الجلسة مخصصة لمناقشة كتاب نصير شمة عن الأسلوبية موسيقياً، الذى صدر فى أبى ظبى بالعربية، وجارٍ ترجمته الآن- نظراً لأهميته الشديدة- إلى خمس لغات أجنبية هى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية والصينية؛ وهو ما يشير بالقطع إلى قيمة الكتاب الرفيعة، الذى سيطرح فى معرض القاهرة الدولى للكتاب القادم.

دارت المناقشات بين الحضور سواء على المنصة أم أمامها حول استقاء نصير شمه لنظرية الأسلوبية من شيخ النقاد د. صلاح فضل، الذى رسخها فى مؤلفاته فى النقد الأدبى، لاسيما المؤلفات الشعرية؛ وكيف طبقها نصير موسيقياً، بطريقة مبدعة أثارت دهشة وإعجاب اللجنة المناقشة، والمكونة من ا.د.صلاح فضل، ا.د.زين نصار، ا. د.إيناس عبدالدايم، لأطروحته فى الماجستير، فقررت بالإجماع أن تمنحه درجة الدكتوراه بدلاً من الماجستير، حيث تسمح القوانين فى جامعة شمال نيويورك- حاضنة الأطروحة- بذلك.

بيد أن ما أعجبنى حقاً أن أعضاء اللجنة كانوا حريصين كل الحرص على التأكد من أن تقاليد الجامعات الأوروبية مازالت تسمح بصلاحية اللجنة فى منح درجة علمية أعلى لباحث نابغة. فراسل د.صلاح فضل المستشار الثقافى المصرى فى إسبانيا ونظيره فى فرنسا للوقوف على ذلك، وجاء الرد منهما بأن هذا التقليد معمول به فى الجامعات الإسبانية والفرنسية شريطة أن يكون الباحث قد نشر بعض بحوث أو مقالات فى مجال الدراسة قبل المناقشة؛ وهنا اطمئنت اللجنة لسلامة الإجراء.

كان من الممكن أن تكتفى اللجنة بمنحه درجة الماجستير فقط، بغض النظر عن المردود النفسى أو التأثير الوجدانى على الباحث. غير أن الأمانة العلمية، والرؤية المستقبلية، والحرص على تفجير الطاقات الإبداعية للفنان- ما دام مبدعاً بلا منازع- جعلتهم يحرصون على منحه الدكتوراه وليس الماجستير، نظراً لما وجدوه فى الأطروحة من إبداع بلا منازع أو لنقل إبداعاً بالضربة القاضية.

لا شك أن المردود النفسى فى مثل هذه الحالة يدفع الفنان إلى التحليق عالياً فى سماء الفن والإبداع، والخروج بنظرية الأسلوبية الموسيقية إلى شتى الفضاءات الخارجية لترسيخ دعائم الموسيقى العربية، والتوكيد على أنها ذات نهج علمى رصين، ليكمل مشوار عمالقة الإبداع الموسيقى الأوائل ممن اختارهم كنماذج للدراسة أمثال محمد القصبجى وزكريا أحمد ورياض السنباطى وناظم الغزالى وغيرهم.

استمعت جيداً لكلمات نصير شمة التى حرص فيها على توضيح نظرية الأسلوبية الموسيقية، وقدرت فيه تواضعه وإقراره بفضل شيخ النقاد صلاح فضل عليه، الذى أعاره ذات يوم بعض كتبه النقدية، التى ما إن قرأها وتشرَّبها حتى عاد إليه بفكر جديد مفعم بنظريات موسيقية تحاكى مثيلاتها الأدبية.

لقد أثبت نصير شمة أنه موسيقار واع، مُلم أكاديمياً بقواعد وأصول الموسيقى العربية وآلاتها وليس العود فقط، وأنه يملك رصيداً مختزناً يؤهله للبحث والدراسة والحكم على موسيقانا العربية وتطورها عبر أجيال خلت، صنعت شكلاً ومذاقاً للموسيقى العربية.

تحية تقدير للجنة الواعية التى قدرت موهبة الفنان نصير شمة وعمله الإبداعى «الأسلوبية موسيقياً»، الذى يعد إضافة قيمة لعلم الموسيقى العربية ومكملاً لنظرية البنيوية الموسيقية للفنان د. أشرف عبدالرحمن التى طرحها فى رسالته للدكتوراه منذ سنوات خلت.

 

* كاتب وأستاذ أكاديمى