رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذه الدنيا

من حق مصر أن تفخر بابنها البار السيد عمرو موسى عميد الدبلوماسية المصرية والعربية الذى تم تكريمه منذ أيام من ملك السويد كارل السادس عشر بمنحه وسام «النجم القطبى الملكى» برتبة قائد من الدرجة الأولى، حيث قام السفير السويدى بالقاهرة بتقليد السيد عمرو موسى هذا الوسام الأرفع نيابة عن ملك السويد.

والسيد عمرو موسى - متعه الله بالصحة وطول العمر- يعد علامة أساسية فى تاريخ المدرسة الدبلوماسية العريقة، واسما كبيرا يضاف إلى سلسلة من اللآلئ الدبلوماسية العظيمة التى سبقته وعمل معها، مثل الدكتور بطرس بطرس غالى والدكتور عصمت عبدالمجيد رحمهما الله. وهو موسوعة فى العمل السياسى والدبلوماسى، وارتبط اسم عمرو موسى لدى أجيال كثيرة من المصريين بمفهوم الكرامة الوطنية والندية والصمود والتحدى فى مواجهة الصلف الإسرائيلى تجاه قضية كل العرب.. القضية الفلسطينية.. لن تنسى الأجيال للسيد عمرو موسى مواقفه الوطنية المشرفة من قضية القدس وحق الشعب الفلسطينى المشروع فى إقامة دولته المستقلة على حدود ما قبل 5 يونيه 1967، وهو الأمر الذى كانت نتيجته شعبية طاغية حصل عليها الرجل داخل كل بيت مصرى حتى تغنى المصريون بعبارات شهيرة تقول: «أنا باكره إسرائيل.. وباحب عمرو موسى..» ولا أذيع سرًا إن قلت إن عمرو موسى دفع ثمن شعبيته الطاغية فى الشارع أيام مبارك بخروجه من الخارجية المصرية وذهابه إلى الجامعة العربية.

قبل عامين أصدر السيد عمرو موسى مذكراته التى حملت اسم: «كتابية».. التى تحدث فيها بوضوح شديد كعادته ومنهجه، وقدم شهادة سياسية فى منتهى الخطورة والأهمية كسرت تابوهات وغيرت ملامح وقدمت أبعادًا جديدة وكشفت أسرارًا لم يكن أحد مهيأ لأن يعرفها أو يسمع عنها لأنها تخالف ما اعتاد الكثيرون أن يصدقوه لسنوات طوال.. تحدث عمرو موسى بصدق ووضوح.. وأثارت مذكراته موجات عاتية من الجدل والنقد.. فى هذه الأجواء الملتهبة شرفنى السيد عمرو موسى بحضور حفل توقيع كتابى الجديد: «عبور 73.. السلاح والدبلوماسية والاتصالات السرية»، وكان هذا هو ظهوره الأول بعد ضجة «كتابية».. وأذكر أننى سألت السيد عمرو موسى عن السبب وراء هذا الجدل الكبير، وتفسيره لكل ذلك، فقال لى: المشكلة أن الناس لم تتعود على من يحدثها بجدية حول الأحداث والأشخاص التى تعرفها».

وقال عمرو موسى: نحن اعتدنا على صور نمطية معينة وصدقناها.. فإذا وجدنا من يحاول أن يقدم صورة مختلفة يكون رد الفعل الذى رأيته».

تجربة السيد عمرو موسى مع السياسة متسعة ومتشعبة ولم تقف عند حدود توليه المناصب الرسمية مندوبا دائما لمصر فى الأمم المتحدة، ثم وزيرًا للخارجية، فأمينًا عامًا لجامعة الدول العربية.. إنها تجربة ممتدة ومستمرة يقف فيها السيد عمرو موسى مشاركًا وشاهدًا على كثير من تفاصيلها التى غيرت ملامح الحياة فى المنطقة.. وأعتقد أن تجربة بهذه الحيوية يجب أن تصل إلى أكبر قطاع ممكن من الشباب والباحثين.. وتستلزم طرح نسخة شعبية بسعر فى متناول اليد من مذكراته «كتابية».. وليكن بسعر لا يتجاوز الخمسين جنيها مثلًا، بحيث تستطيع شريحة أكبر من المصريين اقتناءها ومطالعة ما بها من شهادة هى الأهم فى تاريخ المذكرات السياسية.. وأرى أيضًا أن يتم طرح جزء ثان أو أجزاء تالية من مذكرات السيد عمرو موسى، وأعتقد أن «كتابية» رغم أهمية ما جاء بها لم تذكر كل شىء، فالسيد عمرو موسى ما زال يمتلك فى خزانة أسراره الكثير مما يستحق أن يروى.

لقد جاء التكريم من دولة السويد.. وليس أقل من أن ننتظر تكريمًا مماثلًا من الدولة المصرية لواحد من أهم أعلامها الذى ملأت شهرته ومكانته كل الآفاق، وأن تكون هناك استفادة حقيقية - بأى صورة من الصورة - مما يمثله اسم عمرو موسى من مكانة عالمية وخبرة نحن أحوج ما نكون إليها فى إدارة الكثير من الملفات المصيرية والحساسة.

[email protected]