رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صفحات من الزمن الجميل (٦)

ـ كنت فى طريقى إلى أخبار اليوم، وإذا بالإذاعة المصرية تذيع بيانا هامًا، استوقفتنى المارشات العسكرية التى كانت مقدمة البيان.. ثم انطلق صوت المذيع وهو يعلن.. «جاءنا الآن من القيادة العامة للقوات المسلحة البيان التالي.. نشرت جريدة الأخبار صباح اليوم أن مصر فى طريقها لبناء مخابئ ذرية.. وأن هذا الخبر لا أساس له من الصحة» ثم تعود الإذاعة إلى بث برامجها.. هذا البيان كان يذاع على فترات متقاربة من بعضها، فأحسست بخطورته، وخاصة أنا الذى كنت صاحب هذا الخبر.

ـ اتجهت إلى مكتبى بسرعة وعند دخولى مبنى أخبار اليوم كانت عربات الشرطة تحيط بالمبنى، وإذ بموظف الاستعلامات يقدمنى إلى أحد الضباط فيصطحبنى إلى مكتب الأستاذ موسى صبرى وبمجرد دخولى المكتب يؤدى الضابط التحية العسكرية لفريق من مفتشى وزارة الداخلية والذين كانوا يجرون تحقيقا مع الأستاذ موسى بوصفه رئيس التحرير، ويقترب منى اللواء محمود العيسوى مفتش الداخلية ويطلعنى على أمر اعتقالي، قلت له عن إيه..قال «عن خبر كاذب يضر بالأمن القومي» وأن المشير عبد الحكيم عامر مصر على أن نقدم له المحرر الذى جاء بهذا الخبر.

ـ قلت لهم أريد مقابلة السيد زكريا محيى الدين وزير الداخلية قبل أن تأخذونى للمشير، فأنا على حق فى نشر الخبر، وتحت يدى الدليل وإن كان الفضل هنا للأستاذ موسى صبرى الذى كان بعيد الرؤية عندما كلفنى بعرض الخبر قبل النشر على الداخلية والتصديق على نشره بالموافقة مع خاتم الوزارة.. اصطحبنى أحد اللواءات إلى مكتبى بصالة التحرير، وعلى ما أذكر أن اسمه كان اللواء سعيد الشيمي، واتجهنا إليه لأحضر له تصديق الوزارة، المسافة من مكتب رئيس التحرير وصالة التحرير التى يتصدرها مكتبى خطوات وبالفعل أخرجت لهم بروفة للخبر وعليها موافقة المقدم احمد نظمى وكان وقتها أحد فرسان الوزارة المقربين لوزير الداخلية، اتصل اللواء العيسوى بالوزير واطلعه على الموافقة قبل النشر، وفهمت أن الوزير ألغى بالتليفون قرار الاعتقال.. بدليل أنهم جمعوا أوراقهم ورجالهم وانصرفوا من مبنى أخبار اليوم.

ـ أما عن قصة هذا الخبر.. فقد كان المقدم محمد حلمى صديق وهو أحد قيادات مصلحة الدفاع المدنى قد سافر إلى سويسرا ممثلا لوزارة الداخلية لحضور مؤتمر عن الذرة وسلامة الدفاع المدني، وبعد عودته نظمت له إدارة العلاقات العامة بالوزارة مؤتمرا صحفيا، ولأنى كنت مندوب أخبار اليوم بالداخلية حضرت المؤتمر مع العشرات من ممثلى الصحف والوكالات، وسجلت المؤتمر وبعد الانتهاء منه انزويت بالمقدم صديق لعلنى انفرد بخبر عن المؤتمر الذى حضره العشرات، واذا به يحدثنى عن المخابئ الذرية، وبعد عودتى إلى «الأخبار» ركزت على المعلومات التى حصلت عليها خارج المؤتمر، وفوجئت بالأستاذ موسى صبرى يطلب منى معلومات عن المقدم حلمى صديق وصورة شخصية له، واتصلت به فى التليفون وعلى ما أتذكر كان يسكن فى العجوزة وذهبت إليه وحصلت على الصورة ثم أعطانى الأستاذ موسى بروفة وطلب مراجعتها فى الوزارة والحصول على موافقتهم، وقد حدث وظلت الموافقة عندى وأنا لا أعلم بالكارثة التى كانت تنتظرني.

ـ فعلا الحياة مدرسة، والكبير كبير، بعد الواقعة فهمت لماذا أراد الأستاذ موسى صبرى تحصينى بموافقة الوزارة، فمهما كانت علاقتى بوزير الداخلية لكنت قد تعرضت للمساءلة، وأحمد الله أننى كنت أحتفظ بسند براءتي.. ويومها زاد من توزيع صحيفة «الأخبار» وحزنت لأن اسمى لم ينشر على هذه الخبطة الصحفية، فقد كانت معايير نشر الاسماء تختلف عن الفوضى التى نراها الآن وقد نالت من كرامة المهنة.

ـ أعترف بأن علاقتى بالسيد زكريا محيى الدين كوزير لداخلية مصر، صنعت منى صحفيا مشاغبا، وكان معظم ضباط مصر يعرفون علاقتى به، فكان كثير من الأبواب المغلقة تفتح لي، حتى بعد أن أصبح رئيسا للحكومة وتولى من بعده الوزارة اللواء عباس رضوان الذى عرف بوضعى فتوطدت علاقتى به هو الآخر ثم مع اللواء عبد العظيم فهمى الذى كان وكيلا للوزارة ثم وزيرا للداخلية.. كنت فعلا مشاغبا فى علاقتى بأخبارهم.

[email protected]