رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وَقَبّل شهيدا على أرضها

     دعا باسمها الله واستشهدا

وشهداؤنا تغسلهم ملائكة الرحمن جل جلاله، قد مات شهيدا يا ولدى من مات فداء للمحبوب هنا هى «مصر الحبيبة».

وإليكم هذا البيان

مما قالوا وكتبوا وفننوا وتفلسفوا فإن هناك حقيقة كبرى تجب كل ما يقولون عن قانون يجرم هذا العمل أو ذاك أو يطبق على عمرو كان أم زيد، وتلك الحقيقة المؤكدة هى أن شهداء هنا فى «سيناء»، يطل الشهداء من عليين فى مقعد صدق عند رب العالمين: أيها القوم لا تتنابذوا بالألقاب، لا تتفرقوا شيعاً أو أحزابا بل ضعوا فى يقينكم دماءنا فهى التى كتبت لكم الحرية وهل نسيتم ما قاله أمير شعرائكم:

«وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق»

وكونوا جميعا يا بنى إذا اعتلى خطب

ولا تتفرقوا آحادا

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا

وإذا افترقن تفرقت أفرادا

من عليين اكتبوا تاريخكم الناصع وقوانينكم العادلة بدمائنا «فهى النور.. نور السماء إلى سكان الأرض».

«أنا الشهيد أتكلم»

فى عليين.. عند رب العالمين.. فى قعد صدق عند مليك مقتدر يطل علينا من فوق السماوات السبع أحباء مصر وشهداؤها المعطرين بأريج الجنة.. إنهم عند «ربهم يرزقون».

فى ذلك اليوم الذى كتبوا فيه لنا نحن أبناء هذه الأمة سجلوا لنا تاريخا جديدا وعهدا جديدا وصبحا وفجرا جديدا كتبوه وسجلوه للتاريخ كله.. بدماء زكية فيها قطرات العطر، كتبوها حرفا حرفا.. نعم كتبوا على جدار الزمن بأحرف من نور ما عجز عنه الآباء والأجداد خلال أعوام وأعوام، وفى لحظة اللقاء بين القدر المكتوب والدم المكتوم فى طل الصدور وبعد أن بلغ السيل الزبى وبلغت القلوب الحناجر، وأصبح اليأس المرير عنوان حياتنا، وما وجدنا لنا طوق نجاة وضاع فى دنيانا «الشراع والملاح».. وإذا بهاتف آت من وراء الغيب من وراء أسوار الزمان والمكان وكان اللقاء التاريخى بين قلوب شباب هذه الأمة فى ميدان دخل بهم التاريخ ودخلوا به التاريخ.. الذى فى ليلة وضحاها أصبح عندنا «المكان المقدس»، والذى وجب أن نحج إليه، أولا مع هؤلاء الذين افترشوا أرضه مصلين لله أن يفرج كرب هذه الأمة، صلوات فى ميقاتها عند المسلمين ودعوات صادقة مع أبناء المسيح حاملين الصليب تدعيماً للحب والخير والحياة والحرية.. ونموت معا أو نعيش معا..

 متضامنون على الجهاد فما ترى

     إلا مسيحيا يؤازر مسلما

هش المقدس للمؤذن داعياً

     وحنى الهلال على الصليب وسلما

وعند اللقاء التقت القلوب بالقلوب، وانطلق المارد الجبار من بين صفوف الملايين هاتفا بالحرية وبمصر الحبيبة أمنا و«على الباغى تدور الدوائر».. هتافات من أعمق الأعماق تردد صداها فى أرجاء الدنيا كلها.. لقد استيقظ أبناء مصر من «غفلة ليل قد طال» وها هو يقدم روحه قربانا لهذا الحب العظيم، فى نشيد قدسى: «نموت.. نموت.. وتحيا مصر».

حطموا القيود، حطموا السلاسل، ذهب الليل الحزين وهذه نسمات فجر وليد تطل على الكون تحرسها ملائكة الرحمن وامتدت يد غادرة فاجرة كافرة لتطلق لهيب الرصاص فى قلوب الأبناء، زهور الحياة التى أينعت على أرض الميدان وشعارهم:

نجود بالنفس إذا ضنَّ الشجاع بها

     والجود بالنفس أسمى غاية الجود

وسقط على الميدان، شهيد بعد شهيد وسال الدم الغالى أغلى دماء الدنيا ليكتب على أرض بلدنا فى ذلك الميدان الكبير... «هنا أبطال مصر وفخر شبابها، ماتوا ليعيش أبناؤها فى ظل من الحرية والكرامة آمنين».

ونستمع إلى أرواحهم فى «عرس ربانى» هاتفة ما بين رحلة السماء والأرض:

بروحى مصر نفديك

     على مر السنين وإن دهاك

فأنت النور به اهتدينا

     ونحن الأُسدُ إن خطب عراكِ

وحقا.. «للحرية الحمراء باب.. بكل يد مضرجة يدق».

وميدان الشهداء من اليوم يوم حمل الطاغى عصاه ورحل، وأما أنتم فإنه عهد وميثاق سنحج إلى ميدانكم الخصيب صباح مساء ونروى ورده والزهور بكل عطور الحياة.. وسوف تأتيكم طيور الليل السيارة تؤانس أرواحكم لأن حياتنا الباقيات الصالحات كتبت بدمائكم الطاهرة.

وإذا عبرنا - كل يوم - صباح مساء حول «كعبة الميدان الحر ونصبكم عالى المقام» سوف ينادينا صوتكم الحبيب كأنغام صوفية مرتلة من السماء قائلة لنا:

شباب البلاد خذوا المدى

واستأنفوا نفس الجهاد مديدا

وتنكبوا العدوان واجتنبوا الأذى

وقفوا بمصر الموقف المحمودا

ودائما وأبدا: «إلى لقاء تحت ظل عدالة.. قدسية الأحكام والميزان».