رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

على فين؟

 

 

 

لا تستغربوا اننى زرت أسوان هذه المرة، كما لم أزرها من قبل.. إحساس غريب ربما لم اشعر به سابقاً.. ربما كان الفارق الزمنى بين الزيارات، أو كان الفارق فى الخبرة، أو الفارق فى الإحساس.. أو ربما البحث فى اسباب تراجع الدخل من السياحة، رغم أننا نملك كل هذا الثراء الكبير.. أو ربما كان إحساس ضيوف منتدى الشباب العربى الإفريقى هو السبب.

لقد رأينا الطبيعة فى بلاد الذهب.. شيء فوق الوصف.. النيل هناك غير عادى.. ورحلة الفلوكة فى النيل تنقلك إلى عالم من الأحلام.. أهل أسوان والنوبة أيضاً أعطوا عمقاً لهذه الرحلة.. فلم يقتصر الأمر على سياحة المقاصد هناك، بقدر ما كان الإنسان فى القلب من كل هذا بالتأكيد.. فالبيوت مفتوحة تستقبلك بكرم كبير، وابتسامة أهل اسوان هى المقصد الكبير.

ولو كانت عندنا أسوان فقط ولا شيء غيرها، يمكن أن تأتى السياحة بالملايين.. فما بالك ان تكون عندنا كل هذه الآثار فى الأقصر واسوان، ثم تكون السياحة عند هذا الحد؟.. هل نحن لا نستطيع تسويق مقاصدنا السياحية؟.. من يملك الهرم وأبوالهول مثلنا؟.. ومن يملك معبد الكرنك وطريق الكباش مثلنا؟.. ومن يملك النيل العظيم مثلنا، كما نملكه هبة من الله؟!

ولاحظ أننى لا أتحدث عن سياحة الشواطئ فى شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم والساحل الشمالى وغيرها من المقاصد.. ولاحظ أننى لا أتحدث عن البحيرات، وسياحة الآثار العظيمة فى الأقصر.. ولاحظ أننى لا أتحدث عن السياحة العلاجية فى مصر، أو السياحة الدينية.. أتحدث عن النيل.. عن رحلة فلوكة ساحرة فى نيل أسوان.. شيء تخطى حدود الإبهار بالفعل.

وعرفت لماذا يأتى الشعراء والأدباء من الجنوب؟.. عرفت لماذا هم أكثر رهافة وإحساساً ورومانسية.. عرفت لماذا هم اكثر رقياً وأكثر عمقاً.. رأيت عباس العقاد فى كل مكان فى اسوان.. اسمه على المدارس وقصور الثقافة والأحياء.. رأيت تمثاله فى أهم ميدان.. ومن هناك أيضاً جاء المطربون والفنانون.. مروراً بقنا والمنيا وغيرها مثل الأبنودى وأمل دنقل وطه حسين.

فمن المؤكد هناك علاقة بين النيل والثقافة.. وهناك علاقة بين جريان الأفكار وجريان النهر العظيم.. وأظن أن الثقافة قد جاءت مع النهر، وجاءت الحضارة أيضاً.. وإن كنا قد أهملنا الجنوب فترة طويلة من الزمن، وأصبحت مصر هى القاهرة، أو المركزية المرتبطة بالدولة، حتى جاء السيسى يعدل الدفة من جديد، ويجعل الصعيد فى القلب مثل سائر المقاصد المصرية.

عدتُ من بلاد الذهب، وفى نيتى زيارات كثيرة.. سمعت بنفسى من يفكرون فى العيش هناك.. وسمعت من يريد أن يكون له مكان بسيط على نهر أسوان.. إنها الرغبة فى الحياة الجميلة.. رأيت كل ذلك فى رحلة لمدة أيام.. ورأيت أن شريط السكان هو نفس الشريط من أسوان إلى دمياط للأسف.